هي أيام قلائل ويحل علينا ضيف كريم، ضيف أُنزل فيه القرآن، وتفتح به أبواب الجنان، فالاستعداد له بالتفرغ من مشاغل الدنيا واجب، وإعطاء النفس فيه وقتاً لأن تختلي مع نفسها واجب. إنه شهر رمضان المبارك، الذي يعد فرصة ذهبية، لأن يخصص للاعتزال بغرض التفكر والتأمل، وتصويب المسار، وإطلاق بوادر التغيير تصحيحاً للأخطاء، وثباتاً على المواقف الصائبة. إن المتمعن في حال بعضنا يرى رخص النفس عند أهلها، فعدم محاسبة النفس حسرة يوم لا تنفع الحسرة، وبترك محاسبة النفس تمكنت الغفلة منّا، وكما قال ابن القيم (هلاك القلب من إهمال النفس وموافقتها واتباع هواها). فطريق الحياة تتجاذبه أشواك الرغبات والشهوات، وعلامات الفتن والموبقات، وحقيقة التقوى هي الخوف من الجليل، وما رمضان إلا شهر فضيل مدعاةٌ لكل فضيل، فرمضان شهر إزالة قسوة القلوب، وموسم تهذيب النفوس، فالله -عز وجل- جعل رمضان مضماراً لخلقه يتسابقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسَبقَ قومٌ ففازوا، وتخلف قوم وخابوا، فالعجب من الخاسر في الوقت الذي يفوز فيه المحسنون الصادقون، فلنهيئ أنفسنا لنستقبل رمضان راغبين راهبين. أخيراً: رزقني الله وإياكم صدق الصائمين وإقبال التائبين وخصال المتقين.