المترفون في كل بلد يريدون تنظيم كأس العالم، ويرون في ذلك نجاحاً وسمعة إعلامية تختصر كثيرا من الدعايات المدفوعة الثمن، بينما يعتقد الكادحون أن هذا ترف مقدم على ما هو أولى، وأنه ليس مستساغاً تنظيم بطولة مُكلفة بهذا الحجم الكبير في بلد يتضور نصف سكانه جوعاً، ونصف أطفاله لا يعرفون ما معنى مدرسة! البرازيل ليست بيليه ولا غارنيشيا، ولا سحر منتخب تيلي سانتانا عام 1982 فقط، لكنها أيضاً بلد البن الفاخر، وفاتنات الأمازون، وإن غطت شهرة بيليه على عظمة رواية الخيميائي لباولو كويلو، فهي مشكلة عصر تعود إلى أن تختصر إبداعات الشعوب في مشاهير الترف العابرين! الإشكالية الكبرى أن يمتلك بلد من البلدان سمعة إعلامية باهرة في مجال ترفي بحت، مقابل شعب مسحوق وفقير يتضور سكانه جوعاً وتزداد فيه نسب الجريمة، لكن متعة إقامة البطولة في الماراكانا تجعل العالم ينسى، أو بالأحرى يتناسى وجع أحياء ريودي جانيرو ورفيقاتها. قصة البرازيل هي أيضاً قصة كل بلد يحرص على تنظيم البطولات والفعاليات كي تكتب عن نجاحها صحف العالم، وينسى في المقابل الإنسان البسيط الذي لا تهمه السمعة الإعلامية الحسنة بقدر ما تهمه كسرة الخبز وجرعة الدواء، والوظيفة. يكذب من يقول إن بطولة عابرة تنعش اقتصاد البلد المنظم، كل هذا يذهب إلى جيوب محددة سلفاً، والشعوب لا تستفيد عادة من جشع الفيفا ولا من سماسرتها في كل مكان. يستطيع المترفون تنظيم كأس العالم كل سنة، لكنهم لا يستطيعون أو بالأحرى لا يريدون فتح مدرسة للبلد المضيف في كل بطولة، وهذا هو الفرق بين أحلام الكادحين وبين طمع المترفين في كل مكان!! باختصار: باولو كويلو يقف أمام جشع بيليه!!