مكة المكرمة، جدة – الزبير الأنصاري، عامر الجفالي وجَّهوا الدعوات للمسلمين لتقديم المصلحة العامة والصبر والمؤازرة السعيدي: أدعو عموم المسلمين إلى الاستجابة الفورية وأن يكونوا عوناً على إنجاز المشاريع اللحيدان: القرار جاء بعد دراسات مستفيضة لكيلا يقع ما لا تُحمد عقباه من الزحام أكد شرعيون ودعاة ل»الشرق» أن قرار خفض أعداد حجاج هذا العام بواقع 50% من حجاج الداخل، و20% من حجاج الخارج تزامناً مع التوسعات الجارية في الحرمين الشريفين، جاء منسجماً مع روح الشريعة ومبادئها، لافتين إلى أن تأجيل الحج لهذا العام مطلب شرعي، خاصة لمن سبق لهم الحج من المواطنين والمقيمين، مطالبين وزارات الشؤون الإسلامية في العالم الإسلامي بتفهُّم التخفيض، وتوعية حجاجهم بأهميته. توسعات ضخمة وقال أستاذ السياسة الشرعية المحكم القضائي في وزارة العدل الدكتور حسن سفر، إن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تولي جُل اهتمامها لرعاية شؤون المسلمين في أدائهم فريضة الحج بكل أمن وأمان، وسخَّرت لهذا الغرض كل إمكاناتها، فأجرت توسعات ضخمة في كلٍّ من الحرم المكي والحرم النبوي والمشاعر المقدسة، ولظروف تستلزم تحديد أعداد الحجاج مؤقتاً، فقد رأت الحكومة تقنين أعداد الحجاج لأنهم أمانة في عُنق حكومة خادم الحرمين من حيث تهيئة جميع السبل لأداء أركان الحج في أمن وطمأنينة، مع المحافظة على كلياتهم الخمس ومنها النفس. انسجامٌ مع الشريعة وأوضح سفر أن خفض أعداد الحجاج ينسجم مع روح الشريعة ومقاصدها، ذلك أن تصرف الإمام المنوطة به هذه المسائل من راحة الحجاج أمر لازم وضروري وشرع متعبَّد، والله تعالى يقول ((فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج))، والازدحام قد يؤدي إلى حدوث هذه الأشياء المنهي عنها أو بعضها. لافتاً إلى أن فقهاء السياسة الشرعية والأحكام السلطانية كأبي يعلى الحنبلي والماوردي أبانوا أن الولايات التي ينهض بها أمير الحج تجعله ينظر في المصالح التي تحفظ كيان الحجاج وأرواحهم وتعينهم على أداء فروض الحج بكل يُسر وطمأنينة، وفي ظل وجود المشاريع في الحرم المكي في ساحاته وفي المطاف، فإن قرار تحديد أعداد الحجاج وخفضها يحقق هذه المصالح المرعية شرعاً. وطالب سفر وزارات الشؤون الإسلامية في العالم الإسلامي بتفهُّم هذا القرار التوقيتي، وتكثيف التوعية لحجاجها بأهمية مثل هذا القرار الذي يهدف إلى ملاءمة بيئة الحج مع احتياجاتهم وأعدادهم الكبيرة. مصلحة الحجاج من جانبه، قال الداعية الدكتور سعيد بن مسفر القحطاني، إن مراعاة مصلحة الحجاج بصفة عامة أمر مطلوب، وهذا يقرره المسؤولون عن الحج والعمرة في هذه البلاد، لافتاً إلى أن الدولة في الماضي كانت تسمح بتجاوز وزيادة الأعداد المقررة لبعض الدول حينما كان ذلك ممكناً، ولكن وفي الظروف الراهنة التي تقتضيها أعمال التوسعة التي ستستمر لمدة ثلاث سنوات، ستنخفض قدرة المطاف خلالها على استيعاب الطائفين إلى أقل من النصف مما كانت عليه سابقاً، لهذا فإنه من الضروري إعادة النظر في تحديد أعداد الحجاج حفاظاً على مصلحة الحجاج، وحماية لهم مما قد يتعرَّضون له من الكوارث والمشكلات نتيجة للازدحام، وهذا هو مقتضى العقل والواجب. تعاونٌ واستجابة وأشار القحطاني إلى أن على الجميع أن يتعاونوا مع الدولة في هذا الظرف خصوصاً حجاج الداخل من المواطنين والمقيمين الذين أجزم بأنهم قد أدوا الفريضة الواجبة، وأن معظمهم يؤديها نافلة، فعلى هؤلاء أن لا يحجوا خلال هذه الثلاث سنوات حتى تتم التوسعة، وأن يتيحوا الفرصة لغيرهم لأداء الفريضة، وكذلك على الدول الإسلامية الأخرى أن تستجيب للتخفيض الذي حدَّدته الدولة خلال هذه الفترة. مطلبٌ شرعي وعد الباحث في السياسة الشرعية سعد القويعي، تأجيل الحج لهذا العام مطلباً شرعياً، وقال إنه ربما كانت هذه المرة الأولى التي نسمع فيها ذلك النداء الذي ناشدت به السلطات السعودية جموع المسلمين في مختلف أنحاء العالم بتأجيل قدومهم إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج أو العمرة هذا العام، بسبب أعمال التوسعة الجارية حالياً في المسجد الحرام، حتى أن مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، وصف القرار بأنه أمر ضروري ولابد من الاستجابة له وتطبيقه لأنه يحقق مصلحة الأمة على المدى الطويل. مشروعٌ عملاق وألمح القويعي إلى أن مشروع توسعة المسجد الحرام بساحاته ومطافه مشروع عملاق، وهو الأكبر من نوعه في التاريخ، لمواكبة الأعداد المتزايدة للحجاج والمعتمرين، ومن المتقرر شرعاً التوسعة على المسلمين في مواضع الحاجة لأن «الأمر إذا ضاق اتسع» و»الضرورات تبيح المحظورات»، فالشريعة الإسلامية شريعة اليسر، وهذه التوسعة جاءت موافقة للكتاب والسنة، وموافقة للمقاصد الشرعية من باب التيسير العام المنضبط، كما جاءت موافقة للمصالح العامة بالحفاظ على النفس والمال والعرض، وكذا موافقتها القواعد الفقهية كرفع الحرج و»المشقة تجلب التيسير» وغيرها. تصرُّف الإمام وأضاف القويعي «إن الفقهاء قرروا في قواعدهم أن تصرف الإمام منوط بالمصلحة، وهذه القاعدة تعدّ الصياغة الشرعية لما يجب على ولي الأمر فعله في شؤون المسلمين كلها، ومن هذا المنطلق ثمَّن كثير من علماء العالم الإسلامي خطوة خادم الحرمين الشريفين لتوسعة المسجد الحرام، وساحاته مواكبة للزيادة في أعداد الحجيج، مبيناً أن القائمين على التوسعة تمكنوا من استيفاء جميع الأدلة الشرعية، والعلمية، والتطبيقية على ما في هذه التوسعة من الرحمة والإحسان بالمسلمين وموافقة الشرع الحكيم». أمرٌ مطلوب ورأى عميد كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الدكتور سعود الفنيسان، أن تخفيض أعداد الحجاج لا يوجد فيه حرمان لأحد من أداء شعيرة الحج، لأن الدولة لم تحدِّد شخصاً بعينه، ولا دولة بعينها، وإنما قدَّمت مناشدات فقط للعالم الإسلامي بضرورة تخفيض أعداد الحجاج، وعدم تكرار الحج لمن حج من المواطنين والمقيمين، مبيناً أن التخفيض أمر مطلوب في هذه الفترة، ريثما تتم المشاريع. دراسات استراتيجية صالح اللحيدان وقال المستشار القضائي الخاص وأستاذ الكرسي القضائي الجنائي الشيخ صالح بن سعد اللحيدان، «إن قرار وزارة الحج قد صدر بعد دراسات استراتيجية ومكانية وظرفية، وهذه الدراسة كانت مطروحة وتمخضت عن هذا الأمر الذي تلقاه أغلب المسلمين بالقبول، لأنه صدر بعد دراسة بُذلت فيها جهود طويلة نتج عنها هذا القرار، فنجد أن 50% من الداخل و20% من الخارج مناسب جداً، لأن ما حول الحرم المكي يخضع لمشاريع ترميم وتوسعة، وخادم الحرمين الشريفين وولي عهده كلاهما حريص على هذه الأمة وما يهمها من أمور دينها ودنياه، وأرى شخصياً أن هذا مناسب جداً، لذلك أنصح المسلمين كافة بأن يتقيدوا بهذا، لأن هذا يعطي اللحمة الكاملة بتوافق المصالح الدينية والدنيوية، ولأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فإن هذا القرار صدر في مصلحة الحجاج لكي لا يقع ما لا تُحمد عقباه من الزحام. تصريح الحج وأضاف اللحيدان «أنصح من يحج دون تصريح أن يتقي الله جل وعلا، وأن يسلك الطريق الصحيح. وعلى رجال الأمن أن يتعاملوا بالرفق والهدوء والسكينة، وأن يسيروا على خطة معينة تتَّحد فيها المصالح بين الدوائر الحكومية كافة، وأوجه توجيهاً آخر بأن الحج الأصل فيه أداء العبادة بعيداً عن كل ضوضاء واختلاف كما قال تعالى: «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ»، ونصيحة أخرى لوسائل الإعلام أن يحاولوا ألا ينشروا أي خبر أمني أو قضائي أو شرعي يتعلق بالحج إلا بعد التأكد من المصادر الرسمية. كما أوجه نصيحة بأن يلتحم المسلمون جميعاً ويتحابوا فيما بينهم لكي تلتحم هذه الأمة على طريقة واحدة». استخدامٌ سياسي محمدالسعيدي ودعا الشيخ محمد إبراهيم السعيدي عموم المسلمين إلى الاستجابة الفورية لهذا الأمر، وقال «أدعو الدول في المقام الأول بتناسي أهوائها السياسية وعدم استخدام هذا القرار من المملكة استخداماً سياسياً للإساءة إلى الدولة، بل أدعوهم إلى النظر إلى المصلحة العامة والمصلحة العليا التي تسعى إليها المملكة لخفض أعداد الحجاج، لاسيما وأن هذا التخفيض سوف يتلوه بإذن الله توسُّعٌ في أعداد الحجاج بعد إنجاز المشاريع كافة التي تقوم بها المملكة سواء في الحرم المكي أو المدني أو بقية المشاعر، أو على مستوى وسائل النقل التي سوف تكون بعد ثلاث سنوات متاحة بطاقتها الكاملة، ورسالتي لعموم المسلمين هي الصبر على هذا الأمر، وإذا أرادوا المشاركة في الأجر فلا يُكثروا في الإلحاح على دولهم، ولا يستجيبوا لوسائل الإعلام المغرضة التي ستستغل هذا الحدث للإساءة للمملكة، فعدم الاستجابة للوسائل المغرضة هو مطلب من المطالب التي يجب أن يتحلى بها كل مسلم يتمنى أن يوفق الله عز وجل حكومة خادم الحرمين الشريفين في إنجاز هذه المشاريع في خدمة ضيوف الرحمن». حجَّاج الداخل وقال السعيدي في رسالة وجهها لحجاج الداخل «رسالتي لحجاج الداخل من السعوديين وغيرهم، أوجهها إلى قسمين: الأول للجهات المسؤولة، بأنه لابد أن تكون الإجراءات التنظيمية التي تمنع دخول من لا يملك تصريحاً إجراءات مشددة من الجهات المسؤولة، لأننا شهدنا في السنوات الماضية كيف أن الجهات المسؤولة كانت تتساهل مع حجاج الداخل في ضبط هذه الإجراءات، وكان هذا التساهل منهم محموداً في ذلك الوقت وإعانة على الخير، ولكن الآن أعتقد أن التساهل ليس أمراً محموداً، لاسيما وأن هذا التساهل سيؤدي إلى إشكالات كبيرة سواء كان ذلك داخل أروقة الحرمين أو في المشاعر المقدسة. كما أوجه رسالة إلى حجاج الداخل، حيث ينبغي على المواطن والمقيم أن يكون عوناً للدولة على إنجاز هذه المشاريع، فمن العيب والخطأ أن نطالب الجماهير في عموم العالم الإسلامي وهم بعيدون عما يحدث من مشاريع وليست لديهم الإحاطة الكاملة بكل ما يُفعل، بمراعاة هذه المنجزات من المشاريع ولا نطالب أبناءنا من المواطنين والمقيمين وهم أدرى الناس بحقيقة الأمر، ونطلب منهم أن يكونوا عوناً في إيصال هذه الرسالة للمسلمين في الخارج، لاسيما وأن وسائل الاتصال الحديثة تتيح لهم نقل الرسالة بشكل دقيق». صورة من داخل مشروع المطاف