تستحوذ البقاع المقدسة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة على كل اهتمامات خادم الحرمين الشريفين وحكومته، ويبذل وولي عهده - حفظهما الله - كل جهودهما من أجل العناية بها، وتطوير كل المشاعر المقدسة خدمة لضيوف بيت الله من الحجاج والمعتمرين وزوار مسجد نبيه صلى الله عليه وسلم، وترصد الأموال الطائلة لإنفاقها على ما يسهّل تأدية فريضة الحج بيسر وسهولة دونما إرهاق ومتاعب وضنك، وبعيداً عن كل ما يكون معوقاً أو جالباً للمتاعب من تدافع في بعض المشاعر.. ومن هنا فإن العمل في التطوير والتوسعة لا يتوقف استشرافاً للمستقبل، وتجسيد رؤية مستقبلية لراحة الحجاج والمعتمرين والزوار على مدى الأزمنة القادمة. في سلسلة التوجهات الخيّرة، والاهتمامات الكبيرة لقيادة المملكة تأتي توسعة المطاف كهدف من الأهداف النبيلة لتحقيق هذه الرغبات التي تنحو في مجرى العمل الإسلامي الذي يُراد منه وجه الله عبر التخفيف على المسلمين خلال أداء شعائر الله، وتلبية دعوته - عز وجل - "وَأَذّنْ في الناس بالحجّ يأْتُوكَ رجالًا وعلى كُلّ ضَامرٍ يأْتينَ من كُلّ فَج ّعميق"، غير أن هذه التوسعة تستلزم تضحيات من الدولة - وقد قدّمتها - ومن المسلمين في شتى بقاع الأرض وحصر القادمين إلى أعداد قليلة تتناغم مع العمل الجبار الذي يحدث في هذا المشعر. من هنا جاء قرار تخفيض حجاج الداخل إلى 50% وحجاج الخارج إلى 20%، وهو قرار استثنائي ومؤقت، ولا يمكن مناقشته بمعزل عن المساحة الشرعية للمشاعر المقدسة المتاحة لأداء هذه المناسك، فهناك أعداد متزايدة من الحجاج والمعتمرين، وهناك مساحة محدودة في المشاعر المقدسة والحرمين الشريفين ووقت محدود وهدف وهو توفير أقصى درجة ممكنة من الخدمات للحجاج منذ قدومهم وحتى مغادرتهم، ولتحقيق هذا الهدف لابد من التوسعة في إطار المساحة الشرعية والفقهية المحددة للمناسك لضمان سلامة الحجاج، فتم البدء في عدد من المشروعات التوسعية لها. إن مشروع توسعة الحرم المكي الشريف الحالية سيضيف مساحة 400 ألف متر مربع إلى المساحة الحالية، ليستوعب مليونين و200 ألف مصلّ، ومساحة الحرم المكي الشريف تساوي أربعة أضعاف مكةالمكرمة أيام الخلفاء الراشدين، أما المسعى فكان قبل التوسعة يستوعب 44 ألف ساع في الساعة بمساريه، أما بعد انتهاء مشروع التوسعة فسيستوعب أكثر من 130 ألف ساع في الساعة في جميع الأدوار والسطح، كما أن جسر الجمرات الذي كان دوراً واحداً عند تأسيسه أصبح الآن ستة أدوار ليصل إلى اثني عشر دوراً بعد انتهاء التوسعة، حيث يستوعب بعد اكتمال التوسعة 5 ملايين رام للجمرات في اليوم بمعدل 300 ألف رام في الساعة.. والمطاف يستوعب 48 ألف طائف في الساعة قبل مشروع التوسعة الذي وجه خادم الحرمين الشريفين بالانتهاء منه في ثلاث سنوات حيث سيتسع بعد الانتهاء من المشروع ل 105 آلاف طائف في الساعة، والطاقة الاستيعابية للمطاف ستنخفض أثناء العمل بمشروع التوسعة إلى 22 ألف طائف في الساعة، والهدف من المشروع زيادة الطاقة الاستيعابية والحفاظ على سلامة الحجاج والمعتمرين من الازدحام، كما يجري العمل على وضع جسر لذوي الاحتياجات الخاصة في الطواف يتسع ل 8000 طائف من ذوي الاحتياجات الخاصة. إنها جهود تستلزم التضحيات والتفهم من أجل مستقبل ضيوف الرحمن.