أُذِنَ للذين أذِنت لهم»أمريكا» مِن قبلُ بالثّورة أن»يُجاهدِوا»، وإنّ روسيا لعلى تواطؤٍ بكلِّ ما تأتيهِ أمريكا ولو إلى حين. وقد خلَت مِن قبلهم المثلُ، في الثّمانينيات وما تلاها لقومٍ يعقلون. ألم يقل «لاين ليفن» ممثلُ منظمةِ العفوِ الدوليةِ في»القوقاز» إبّان الحرب الروسية:»الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن الدولي لا يستطيعون أخذ مبادرة سياسية فيما يخص الشيشان، لأن أكبر قوتين في الخمسة الكبار (روسيا وأمريكا) عقدتا صفقة حافظت على مصالحهما معاً»؟!. وبأيّ حالٍ، فلن تَرضى عنّا»إسرائيلُ» ولا «أمريكا» حتى نتّبعَ خارطةَ ملّة «شرقٍ أوسطٍ جديد»، وآيةُ ذلك، أنْ تكونَ الغلبةُ فيه «للمعتدلين»، ولن يعلم»جيشُ النصرة» وفلولُ «القاعدةِ»أيّ منقلبٍ ينقلبون. ألم ترَ كيفَ استَبدَلَنا»وعّاظ الفضائياتِ» بالعلماءِ المحققين، وتلك رزيّةٌ، كانَ مهبطُها «مصر»، وكانَ لنا فيها محضُ»مؤتمراتِ زعيق»!، حيثُ لا صوتَ يعلو فيها فوقَ صوتِ تلاوةِ قُدّاس القاعدة «لبيك إسلام البطولة والفداء…»!. وإذا ما اختطفَ القيادة ولقبَ العلماءِ»وعاظٌ» متهافتونَ، وقَصّاصون مندفعونَ، وخطباء قريبو النّظرِ والاعتبار ممن كانَ مبلغُهم من العلم (قصص، ومنامات، وصراخ) فاعلم – لئن آلَ أمرُ الأمةِ إلى هؤلاء- بأنّ الأمةَ قد ضُربت عليها الذلةُ والمسكنةُ وباءت بخسرانٍ مبين. وإلا فمنذُ متى عرفت الأمةُ فلاحَها، إذا كان مَن يأبى أنْ يتصدّر مشهدَها في المِحن إلا خطباؤها وظواهرُهَا الصوتيّة، وبخاصةٍ أنّنَا في زمنٍ قلّ من سَلِمَ فيه من إغراءِ شهوة «بريستيج»الصورة، الأمر الذي يجعل سياقات الخطبِ -التعبويّةِ- ومفرداتها تأتي غالباً في مثل هذه المؤتمرات وفقَ ما تحبُّ أن تسمعهُ «الجماهير»!. وبما أنّ الصّدف قليل ما تقع في حسابات»الساسة»، فيصحُّ القول: بأنّ المؤتمرين قد استجابوا إلى دعوة الإمامِ»أوباما» ولو عن طريقِ الإيحاء، بينما كانَ صوتُ»العقيد عبد الجبار الكعيدي» أحد أبرزِ قياداتِ الجيش الحر الميدانيين، يُبحُّ وهو ينادي:»لا نحتاج إلى رجال ذلك لأنّ نصف الجيش الحر بلا سلاح فالذي يأتي لإسناد الثوار من الخارج بلا سلاح سيكون عبئاً على الثوار لا نصيراً لهم». غير أنّ أمريكا- وهي لم تزل بعدُ شرطيةُ المنطقةِ – لها منطقٌ آخر، يمكنُ الإشارةُ إليه بما يلي: أمريكا إنما تبتغي أن تكسرَ»عظمَ الأسد» قبل»جنيف2» لتصنعَ من المعارضةِ قوةً، بغية قلب الكفة لصالحها بسندٍ أمريكيٍّ بشهادة العالم ومباركته، ويكون حينها مسوغاً لقبول»أجندة»أمريكا من كلّ الأطراف، وبقية السيناريو باتت معلومةً لكلّ شخص. بقي من القول سؤالٌ- أهمّ من الإجابة عليه- بماذا إذن يختلفُ أوباما عن بوش ذلك الذي عاث فساداً في العراق؟!. وهل هذه الأخيرة هي الآن بأفضل حالٍ من سوريا؟!.