أنتَ لا تُرى حتى تتكلّم، وإذا ما تكلّمتَ رأى الآخرون: «عقلكَ»، وعرفوا عن كثبٍ أيَّ اتجاهٍ ستسلُكُه. ولئن تعرّى هذا: «العقلُ» منّك، فرأى الناسُ سوأتَهُ، فإنك من يومها، كنتَ تمشي في الناسِ عُرياناً..! وقياساتُ حَجمِ ما تمّ تهتُّكهُ، من عورةِ أي مجتمعٍ، يمكنُ -هو الآخرُ- أن يُقرأَ بدقةٍ متناهيةٍ، من خلالِ: «منسوب» أكثر الجُملِ إشاعةً بين أفرادِ المجتمع وتداولاً. وفي الرّاهنِ السعوديِّ، سجّلت هذه الجملُ، رقماً قياسياً في التداولِ لها، حيثُ جاءت على هذا النحو: 1 – (الله لا يغيّر علينا)! والشريحةُ التي نالت نصيبَ الأسدِ من حقوقِ هذه الجملةِ تعاطياً هي: شريحةُ الفقراءِ، خاصة مِمن لم يتحدّدْ لهم بعدُ أيّ دخلٍ، في حين أنّهم لا يعرفونَ أصلاً كيف يكونُ: الحلم بسكن! ولعل اللهَ تعالى قد أجاب دعوتهم تلك، ذلك أنّ الأغنياءَ همُ الذين قد تغيّرت حالاتُهم إلى ما هو أفضل، إذ ألفيناهم يوماً بعد آخر، وهم (يتغيّرون) بازديادهم ثراءً! 2 – (هذا الأمرُ.. يجبُ أن لا يمرَّ مرورَ الكرام) والغالبُ مِن المشتغلين على التّرويج ل: «هذه الجملةِ» هم مِن أولئك الذين يمرّرون كل شيء. 3 – (كلّ شيء ٍ بقضاءٍ وقدر) وبما أنّها قضيةٌ عقديةٌ -لا تنفكُّ مطلقاً عن التّماهي بالسياسي- فالخوضُ فيها، ضربٌ من جرأةٍ قد تسلبني : «توحيدي» فأظلُّ عند قومٍ: «مُرجِئاً» وعند آخرين: «قدريّاً». فآثرتُ السّلامة. 4 – (قيد الدّراسة) وهي جملةٌ تُشعركَ -بادي الرأي- بشيءٍ من استفزازٍ يَقضي على بقايا الحُلم الذي يَسكُنكَ، وبشيءٍ من تحريضٍ مُقنّنٍ لليأسِ، ذلك العملاق الجاثم بداخلك. ليس هذا وحسب، بل تمضي بك -جملة قيد الدراسةِ- إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ تأخذك إلى عالم: «الرّق» وذِلّه، والاستعبادِ وقهرهِ، بسببٍ من ظلالِ مفردة: «قيد» وما تحُيله على كلّ معانٍ الخنوع والإصرِ والأغلال! 5 – (عندك سَلَف) جملةٌ مرهونةٌ بسعرِ برميل: «النفط»!. ومحالٌ أنْ يتلفّظ بها أحدٌ، دونَ أن يستحضرَ -بخياله-: صورةً مبتسمةً ل: «وزير المالية»!، ثم لا يلبث أن يتُمتم داعياً: «اللهم إني أعوذُ بك من غلبة الدَّين وقهرِ الرّجال» 6 – (حلمت البارحة.. أو رأيت رؤيا) لَم يكن لمثلِ: «هذه الجملة» أن تشيعَ في: «السعوديين» بهذا الشكلِ، الذي تجاوزنا به ما كانَ معتبراً في الحدّ الشرعي، لولا كثرةُ العابثين في تفسيرِ: «الأحلام» من المشتغلين على أضغاث الناسِ، ابتغاءَ التكسبِ من ورائها، ونيلِ شيءٍ من شهرة! ومن خلالِ متابعتي -فضائياً- لمن يتصدّرون تأويلَ «منامات/ المشاهدين» أُوشك جازماً، بأنّ الغالبَ منهم، لا يخرجون عن دائرةِ: «الحَمقى» ممن نُبتَلى بهم صبحاً ومساء، وليس لهم أدنى حظٍّ من النظرِ التعبيري، وهم أقربُ إلى: «الضّرر» الواجب إزالته ديانةً وسياسة شرعية. وآثمٌ -ولا مشاحة- مَن أسهم في بقائهم بأيِّ صورة.