إن كثيراً من المتغيرات في النظام المعرفي التكنولوجي في المجتمعات تساعد بشكل مباشر في تسيير وعي أفراده بصورة شبه جمعية، خاصة فيما يتعلق بالحراك الاجتماعي المستند إلى آلة التكنولوجيا الإعلامية، فقد تطورت التكنولوجيا في العالم العربى إلى المدى الذي أصبحت فيه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تستخدم على نطاق واسع فى إحداث تغيير نوعي داخل المجتمعات العربية، إما في مشهد دراماتيكي سريع كما حدث فى دول الربيع العربي، أم بمشاهد تراكمية بطيئة كما يحدث الآن في كثير من البلدان العربية الأخرى، حيث تفرعت الثورة التكنولوجية الإعلامية وشملت عديداً من الوسائل ابتداءً من مواقع التواصل الاجتماعي وانتهاءً ببرامج المحادثات الخاصة بالهاتف المحمول، وأخص بالذكر هنا برنامج (الواتساب). لقد أسهم انتشار الهواتف الذكية التى أصبحت في يد الكبير والصغير في شهرة برنامج (الواتس آب) وقد بلغت (البرود كاست) درجة كبيرة من القوة والانتشار والتغلغل عميقاً فى جسد مجتمعنا وهو بنيان غير مهيأ بعد للتعامل مع مستجدات وتحديات عصر ثورة المعلومات، وزاد على هذا أن استجابة هذا البنيان للتغيرات المعلوماتية اتسمت بالقبول الكبير لكل ما يصدر من الوسائل الإعلامية المتعددة، وأصبح برنامج (الواتس آب) وسيلة فعالة في انتشار الشائعات والأخبار المغلوطة وزرع مفهوم نظرية المؤامرة وكثير من التأجيج الطائفي، مروراً بالأخطاء الدينية والأحاديث الموضوعة والمعلومات التي لا يوجد لها أي أساس من الصحة، ويتم تداولها في وقت يسير جداً بموثوقية عالية واعتماد تام، ولا يتوجه الاهتمام إطلاقاً إلى البحث خلف ما هو مكتوب سوى من قلة قليلة من الذين يحتفظون بقدرتهم على الرؤية من خارج الصندوق. في الحقيقة إن الشائعات قد طالت (الواتساب) نفسه، فقد جاءتني عشرات (البرود كاست) الإنجليزية المترجمة باللغة العربية تنادي بإرسال هذه الرسالة لجميع المشتركين في البرنامج لتفادي إغلاقه، وهذا مثال غيض من فيض من كمية الشائعات (الواتسبيه). وأنا هنا أتساءل، ما هو مصدر هذه الرسائل والشائعات؟ ومَنْ المستفيد من كتابتها وانتشارها؟ ولماذا أصبحنا فريسة لأي محتوى (واتسبي) قادر على اللعب بمشاعرنا وتصوراتنا واحتياجاتنا فنندفع بلا عقل إلى التصديق والاتباع دون تثبت أو تحقق؟ إن للحقائق المغلوطة آثاراً نفسية وحسية بالغة الخطورة على المجتمع إذا لم تُواجه من قبل شريحة واعية، وتزداد خطورة هذه المغالطات إذا كانت هناك جهة ما تخدم مصالح معينة بعيدة غالباً عن مصالح المتلقي البسيط، لأنها ببساطة تجعل من الصواب خطأً ومن الخطأ صواباً، وتسلط الأضواء على أشياء بعينها وتحيد الأضواء عن مناطق ومساحات أخرى بهدف إيجاد صورة مغلوطة لتزييف الوعي وتوجيه الرأي العام نحو اتجاه محدد، بالتالي تغيير في السلوكيات وإخلال بالقدرة على التعاطي مع أمور معينة، لذا كان من الضروري التوعية ومحاربة هذا النوع من الأخبار ومحاولة التبين وتحري الصدق والمسؤولية، وإرسال هذا المقال لخمسة وعشرين شخصاً من أصدقائك، وستسمع خبراً مفرحاً الليلة.