عبدالله علي المسيّان أنا طبعاً لست محللاً سياسياً، ولم أشتغل في السياسة ولم تشغلني السياسة.. إلا أن لدي ثقافة سياسية (معقولة) تجعلني أتكلم في السياسة.. وهذه الثقافة تراكمت من متابعة نشرات الأخبار لسنوات طويلة وقراءة الأخبار والمقالات السياسية في الجرائد والنت، ومن سماع ومشاهدة مجموعة من البرامج التي تتكلم في السياسة سواء في الراديو أو التليفزيون. وأهم شيء فهمته من السياسة أن (المصلحة) هي المحرك الأساس للدول الكبرى.. وهي التي تحدد اتجاه الدولة -أي دولة- إما للحرب أو للسلام! ولنأخذ أمريكا مثالاً لذلك.. فهي تفكر أولاً وثانياً وثالثاً قبل أن تتحرك عسكرياً باتجاه أي دولة.. وتبحث عن مصلحة أمريكا فقط.. ثم تقرر.. هل تهاجم أم تتفرج من بعيد! فمصلحة أمريكا هي التي جعلتها تجهز جيشاً ضخماً من الجنود وتدعمه بدبابات وقنابل وصواريخ وطائرات كي يهاجم العراق ويُسقط نظامه عام 2003م لأن العراق بلد غني وفيه كمية كبيرة من البترول.. وليس الهدف من حرب العراق ما قاله الأمريكان أنه من أجل تخليص الشعب العراقي من الديكتاتورية والذهاب به إلى الديمقراطية! والمصلحة هي التي قادت دول (الناتو) لمهاجمة ليبيا وإسقاط نظام القذافي.. لأن ليبيا فيها أيضاً كمية كبيرة من البترول! والمصلحة هي التي قادت فرنسا لمهاجمة مالي بدعوى مكافحة الإرهاب.. لأن مالي غنية باليورانيوم! والمصلحة هي التي جعلت أمريكا وبريطانيا وفرنسا وبقية الدول الكبرى تتقاعس عن مهاجمة سوريا وإسقاط نظام بشار الأسد وتكتفي بالفرجة.. فسوريا ليس فيها إلا كمية بسيطة جداً من البترول، وليس فيها يورانيوم أو معادن ثمينة ولا أي شيء له قيمة في السوق.. والأهم أنها قريبة من إسرائيل.. وأي ضربة عسكرية ستكلف أمريكا مادياً وستشعل حرباً واسعة تشترك فيها دول وجماعات مسلحة مساندة للنظام السوري.. ولن تستطيع أمريكا ومعها الدول الكبرى تعويض الخسارة بعد الحرب.. بعكس ضرب العراق وليبيا.. صحيح أن ضرب العراق وليبيا كلّف أمريكا والدول الكبرى مالاً وجنوداً وسلاحاً.. لكن أمريكا ومعها الدول التي اشتركت في الحرب هي (الكاسبة) في النهاية وعوَّضت الخسارة ببترول العراق وليبيا!