لا أعرف لماذا يطلق بعضهم صيحاته في مواقع التواصل الاجتماعي ويحرِّض ضعاف النفوس كي يتحرَّشوا بالكاشيرات؟ ولا أعرف أين كرامة وغيرة هذا الإنسان؟! الغريب في الأمر أنه يحاول منع بناتنا من الكسب الحلال تحت حجج ليست لها صلة بديننا الحنيف ولا عاداتنا وتقاليدنا، ولكن أجزم أن هؤلاء المحرضين لا يُضمرون خيراً لمملكتنا الحبيبة، ويهدفون من كل هذا التحريض إلى زعزعة أمننا وكبح جماح أحلامه التي تحاول جاهدة اللحاق بسفينة التقدم والحضارة. ماذا يضير بعضهم أن تعمل ابنتي كاشيرة، أليس أفضل لها من البطالة؟ أمهاتنا كنَّ يعملن في الحقول منذ الصباح الباكر حتى المساء ولم نذكر أن أحداً تحرَّش بهن، لكن ما يجعلك تتساءل أننا في القرن الواحد والعشرين، الذي أصبحت فيه المرأة كياناً يُحسب له حساب، تجد بعضهم يحرِّض بالتحرُّش، مع الأسف هناك من يُصغي ويثق بهؤلاء المحرِّضين حتى استطاعوا أن يكسبوا ضعاف البصيرة والعقول، ولكن تصدي العقلاء لهؤلاء يبشر بأن الأمة بخير ولا تحتاج إلى فتاوى مَن يحاولون ارتداء أثواب ليست لهم، ولا أعرف أين هؤلاء من قول الله سبحانه وتعالى (وأحل الله البيع وحرَّم الربا)؟ لا ألوم إنساناً فقدَ صوابه وعقله، ولكن ألوم مَن يترك لهذا المريض أن يعبث بأمن الوطن والمواطن وعدم احترام أبناء جِلدته سواء الكبير أو الصغير. من الواجب علينا حماية فلذات أكبادنا من التحرُّش ومن المحرضين بعقوبات صارمة لا تقبل الاستئناف، ومن يحاول عليه مواجهة سوء أفعاله بنفسه أمام المحاكم، والسكوت عنه هو كارثة بحق العاملات. حيث يقول بعض المحرِّضين إننا نريد أن نجعل المرأة معزَّزة وملكة في بيتها، هذا طيب وجميل، ولكن هل تريد منعها من الخروج حتى إلى المساجد!؟ وهل تريد الأرملة والمطلقة أن تصرف على أبنائها من الصدقات أو تنتظر شروط الجمعيات الخيرية؟ ولماذا لا تطرحون البديل؟ ولماذا نتجاهل أن المرأة خرجت للجهاد وليس للعمل فقط؟ مشكلتنا ليست في ديننا الحنيف الذي يأمرنا بالوسطية، ولكن المشكلة في الخطاب المتطرف لبعض الذين لا ينظرون إلّا من منظور جسدي ضيق، ولا أعتقد أن إنساناً لديه الغيرة يقوم بالتحريض باسم الدين تحت أي خطاب.