قطع بوروسيا دورتموند الألماني شوطاً كبيراً بين الإفلاس الذي طرق أبوابه عام 2005، ورحلته إلى ملعب «ويمبلي» حيث يتواجه غداً السبت مع غريمه المحلي بايرن ميونيخ في موقعة القمة التي ستحدد هوية من سيرفع كأس دوري أبطال أوروبا. «من الحضيض إلى ويمبلي»، هذا ما قاله المدير التنفيذي لدورتموند هانتسيواكيم فاتسكه في وصفه للمرحلة التي عاشها فريقه بين 2005 حين كان على حافة الإفلاس و2013 حيث أصبح مجدداً من كبار الدوري الألماني والقارة العجوز. من المؤكد أن الوضع الحالي للفريق الأصفر والأسود أصبح مختلفاً تماماً عما كان عليه عام 2005 حين كان تحت عبء الديون التي بلغت 120 مليون يورو، ما هدد مصيره في دوري الأضواء ووضعه على شفير تصفيته وإنزاله إلى الدرجات الدنيا. عاش دورتموند تقلبات كثيرة في مشواره الكروي، لكن من المؤكد أن أزهى فتراته كانت في التسعينيات. ففي عام 1991 تعاقد مع المدرب أوتمار هيتسفيلد الذي لم يكن يتمتع بخبرة كبيرة في ذلك الوقت. وفي 1995 تمكن أخيراً من الظفر بلقب الدوري المحلي بعد صيام دام 32 عاماً، وتمكن أيضاً من الدفاع عن لقبه في الموسم التالي. وحقق النادي الأصفر والأسود إنجازاً رائعاً عام 1997 بفوزه بدوري أبطال أوروبا للمرة الأولى والأخيرة إثر تغلبه على يوفنتوس الإيطالي 3-1، ولم يقف عند هذا الحد، بل فاز بكأس إنتركونتيننتال إثر انتصاره الصريح على نادي كروزيرو البرازيلي 2-صفر. وفي تلك الفترة كانت تشكيلة الفريق تزخر بلاعبين كبار من أمثال شتيفان رويتر ويورجن كولر، وكذلك ماتياس زامر وشتيفن فرويند وأندرياس مولر الذين كانو يشكلون نواة المنتخب الألماني الفائز باللقب الأوروبي عام 1996 في لندن. غير أن فترة النجاحات لم تدُم طويلاً، فبعد مغادرة صائد الألقاب هيتسفيلد للفريق واعتزال عديد من اللاعبين، استثمر النادي في النجوم الجدد، بيد أنهم لم يستطيعوا مواصلة مشوار النجاح الذي بدأه الجيل السابق، بل إنهم وضعوا النادي تحت وطأة الديون بسبب الأموال التي أنفقها للتعاقد معهم. وشهد موسم 1999-2000 تراجعاً كبيراً للفريق، ما أدى به إلى الاكتفاء بالمركز الحادي عشر في العام، الذي أصبح فيه أول فريق ألماني يدخل البورصة. لكنه لم يبقَ طويلاً في الحضيض، إذ احتفل في 2002 بسادس لقب له في الدوري الألماني بعدما تولى زامر الإشراف عليه، وقاده أيضاً في الموسم ذاته إلى نهائي كأس الاتحاد الأوروبي، حيث خسر أمام فيينورد روتردام الهولندي بنتيجة 2-3. ثم دخل دورتموند بعدها في نفق مظلم أعاد إلى الأذهان ما عاشه في بداية الثمانينيات، حين دخل في أزمة مالية خانقة تسببت في تراجع أدائه وسقوطه إلى الدرجة الثانية موسم 1985-1986، بيد أنه استرجع قواه بعد ذلك، وفي نهاية الثمانينيات عاد مجدداً ليعزف على إيقاع النجاحات، حيث بلغ المباراة النهائية للكأس وتمكن من الفوز على فيردر بريمن العنيد بنتيجة 4-1، ليحتفل بأول لقب له منذ 23 عاماً. وكما كانت الحال في أزمة الثمانينيات، تمكن دورتموند من إنقاذ نفسه وتجاوز الأزمة التي تسبب فيها إنفاقه على التعاقدات منذ تتويجه بدوري الأبطال عام 1997 ودخوله في بورصة فرانكفورت في أكتوبر 2000 دون أي مردود مالي عليه، ما دفع في نهاية المطاف برئيسه الدكتور جيرد نييباوم إلى الاستقالة في أكتوبر 2004، وبالتالي إلى بيع ملعبه «فيشتفالن شتاديون». وأثمرت فلسفة الاعتماد على الشبان في دورتموند إحراز لقب الدوري مجدداً عام 2011 للمرة الأولى منذ 2002، ثم احتفظ به في الموسم التالي وأحرز أيضاً الكأس الألمانية في 2012، وصولاً إلى بلوغ نهائي دوري الأبطال للمرة الثانية فقط في تاريخه بعد أن تخلص في نصف النهائي من العملاق الإسباني ريال مدريد حامل الرقم القياسي بعدد الألقاب (تسعة)، وتبقى أمامه عقبة غريمه بايرن الذي جرَّده من لقبي الدوري والكأس (أخرجه من ربع النهائي).