قبل ستين عاما، تم الإبلاغ رسميا عن أول حالة إصابة بفيروس «كورونا» لرجل عاش في السعودية، بحسب تغريدة موثقة أفادت بها الطبيبة والكاتبة الزميلة في الوطن نوره العمرو، ووفقا لما نشر في موقع المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها (European Center for disease prevention and control) على الإنترنت من إحصاءات رسمية هذا الأسبوع: فإن الإصابات المؤكدة بحسب المناطق كالتالي: الأحساء 19 حالة، جدة حالة واحدة، الرياض خمس حالات، وأماكن متفرقة أخرى من السعودية بواقع أربع حالات. فضلا عن أن معظم الحالات المبلغ عنها لديها تاريخ مرضي مزمن متعلق بأمراض الجهاز التنفسي. أعتقد شخصيا بأن عدد الإصابات في السعودية لايزال مؤهلا للزيادة التي تؤهلنا للصدارة على المستوى العالمي في صورة تؤكد رغباتنا المحلية في تحقيق الإنجازات العالمية رقميا في مثل هذا النوع من المواضيع ذات الصلة! وحتى اللحظة، وبرغم أن قضية الفيروس قد بدأت قبل موسم الحج بحسب لقاء نشرته مجلة النيتشر العريقة مع الباحث المصري المبعد من وزارة الصحة الدكتور علي زكي، ولكن التكتم المحلي وفق الخطط المدروسة قد أجّل ظهورها للمسرح المحلي حتى فاضت أرقام المصابين على باقي الحصص العالمية، فوزارة الصحة منذ ما يربو عن أربعة أشهر تقريبا لم يكن همها الشاغل الأول في كيفية إمكان عزل أول حالة تم اكتشافها ولا كيف يمكن دق جرس التنبيه للمواطنين وكيف يمكن التواصل الساخن مع مراكز الأبحاث المحلية والمؤسسات البحثية التي لها علاقات وخبرات في التحاليل الفيروسية المحلية ولها علاقات بمعاهد الأبحاث المتقدمة ليمكن لأي طبيب أو باحث داخل البلد أن يتواصل معها بشكل سليم وكيف يمكن أن نشرك العقول الأجنبية على أراضينا في صناعة النجاح بتحفيزها وضمان حقوقها في الاكتشاف حتى وإن كانت مغرية وكيف أيضا تكون هناك عقوبات حمراء لكل من ينال بالتزوير ما لا يستحق بالتحقيق! وزارة الصحة في صراعها مع الغلبان علي زكي كان همها أكثر يتركز على ملاحقتها القانونية لاختراقات الحقوق الفكرية ولو من باب العوض ولا القطيعة فلم تجد الحلول اقتراحا يطيب الخاطر سوى الطرد لعلي زكي قبل انتهاء موسم كورونا! ولو حاولنا رسم سناريو مختلف في ( حال انهال علينا فيروس جديد ) وأعيد السيناريو أليس جديرا بنا أن نتحفظ على الباحث حتى تتضح لنا البانوراما بجزئيات جديدة؟ أعني على الأقل حتى يموت من يموت ويقاوم من يقاوم ويرفع البلاء كليا ونسجل حقوق الملكية ونخترع اللقاحات! مؤلم ضياع امتلاك كورونا وما يتعلق به من مفاخرة بحثية احتكارية ربما تصل بنا خيلاء النرجسية إلى أن نردد «مافيروسنا إلا إنا»! لربما لو تملكنا ذلك فقد يلهينا الحديث عن مفخرة ومجد فيروس الكورونا عن كل مكرمة، كما التهى بنو تغلب بقصيدة عمرو بن كلثوم عن كل مفخرة! عندما نضع الأضواء مجددا على وضع الأبحاث في بلادنا فإننا «بكل شفافية» نقول إن قوانين الأبحاث والأخلاقيات المتعلقة بها لاتزال تعاني من غبارية تحد من مدى الرؤية الشفافة. وهو ما نتجت عنه فوضى التوتر جراء اكتشاف فيروس كورونا بين باحث تم ابعاده ووزارة صحة كاملة بميزانية ومنشآت وكوادر ..إلخ سلبت منها الحقوق الفكرية للنتائج الأولية لفيروس مما يعني أن شرف تصنيع الأدوية واللقاحات مستقبلا وذكره في كل محفل فيروسي سيقرع ناقوس الذكرى. لا أجد أن أكثر خلل سطحي في مفهوم الاكتشاف البحثي ومايليه من استحقاقات لأصحابها الفعليين سوى ما تبرهنه ظاهرة «الاكتشاف والبحث -فوبيا»: وهي ظاهرة يشرحها بكل ألم الباحثون ومساعدو الباحثين وفنيو الأبحاث وهم لبنة الأساس الأولى لأي فريق عمل بحثي ممن يجلسون على السلم الأول في العملية البحثية وهم أول من يواجه العينة البيولوجية الصماء ويبدأ بالعمل المخبري عليها حتى تظهر النتائج، بعدها ترتفع النتائج المستحصلة من أيدي القابعين في السلم الأول في فريق العمل البحثي إلى رئيس الفريق البحثي أو المسؤولين المباشرين عن الفرضية البحثية مهمتهم تحليل هذه النتائج وإعادتها للتأكد من صحتها بطرائق علمية مهنية ومن ثم تتم عملية الكتابة للنشر. سنوات عدة في بعض مختبراتنا التي نفخر بها في مستشفى الملك فيصل التخصصي أو التي أنشئت حديثا في بعض الجامعات والمنظمات العلمية يتجاهل فيها الباحث الرئيس وسيده باحثي السلم الأول حينما تأتي مرحلة النشر العلمي! في بعض المختبرات عادة بعد «هواش الهوامير» على الورقة البحثية واحتلال أماكن الأسماء في الصفحة، تزخر الورقة العلمية المنشورة بأسماء الطبقة البرجوازية الأخيرة في دائرة الفريق البحثي، وبكل أنانية يأتي التبرير السخيف أن الباحث الصغير أو المساعد أو الفني لايدخل ضمن المشاركين في كتابة الورقة العلمية ولا يحق له أن يوضع اسمه المجرد من الدال مع أصحاب الدالات: سواء كانت دالات جاءت بعد الدكتوراة أو دالات أطباء.. وقد يسترسل التبرير الأناني بأن الباحث المجرد من الدال لصغره ليس إلا مستخدم في المختبر وبمقابل مرتب مالي حتى يتاح المجال حقيقة لبعض الأسماء البحثية المنتفعة بالمجاملات حتى وإن كانت تلك الأسماء ستنشر في أوراق علمية غير متخصصة أصلا في اختصاصاتهم ولم يبذلوا أضعاف الجهد المضني الذي بذله باحثو السلم الأول داخل المختبر أو في بعض الأحيان الخبيثة بعض الأسماء المنشورة لا تكون أصلا ضمن الفريق البحثي عمليا «يخزي العين»! في الحقيقة، مجرد الإشارة إلى هؤلاء الباحثين الصغار في «الأكنولجمنت» قد يزيد من ولائهم وينفعهم في مستقبلهم وفي سيرهم الذاتية ويحفزهم على العمل أكثر بروح الفريق. كما أن القارئ الواعي للورقة العلمية سيحترم قائد الفريق الذي يقدر كل أعضائه ويشكرهم وينوه بهم، وفي رأيي الشخصي أجدني لا أدفع باحترامي لورقة علمية تنحشر أسماء الدكاترة بها دون التنويه بصغار الفريق، مثلما يحدث في بعض المنشورات المحلية؛ لأن ثلاثة أرباع الجهد الحقيقي في المختبر وما يحويه من التعرض المباشر للأخطار قائم على هؤلاء. لا أجد مبررا للباحث المصري في فعله، برغم أنه برهن نيته الإنسانية بعدما عجز عن إيجاد الجواب الشافي لمّا تواصل مع الوزارة بحسب اللقاء المنشور في النيتشر، إلا أني أعتقد بأنه على حق إن كان قد عانى من اضطهاد فريق العمل أو جهل بصراحة أخلاقياتنا البحثية الجميلة في النشر البحثي الوطني لأن الوزارة لا توضحها مسبقا للعاملين في حقلها، أو تجاهله لعلمه مسبقا بما قد يضيع حقه ويسرق منه اكتشافه أو يجعله مجرد كومبارس في الورقة المنشورة لمجرد أنه بلا «ظهر»!. مع ذلك فنية الميركوبيولوجست المصري علي زكي حينما أرسل عينات المرضى السعوديين إلى هولندا لم تكن نابعة سوى من اعتقاده الشخصي بأنها الطريقة الوحيدة لفهم هذا الفيروس الغامض بعدما استنفدت النتائج السلبية للاختبارات الفيروسية قدرته على الاقتناع بإجابة تمكنه من مساعدة المرضى. ونتيجة لنيته فإنه بفعله هذا سيكون صاحب الملكية الفكرية والحقوق السيادية في أول اختبار تشخيصي، وفقا لأنظمة المعهد الهولندي. وقبل أن أتوجه بالسؤال لوزارة الصحة لابد أن أشير إلى حضورالوزارة في يوم المهنة الذي أقيم في لندن الشهور الماضية، حيث توجهت بالسؤال العرضي للمندوب عن الركن ما إذا كانت وزارة الصحة قد شرعت بإنشاء مراكز بحثية متخصصة يمكن لحامل دكتوراة مثلا في الهندسة الوراثية أن يجري أبحاثا مستقلة ويحصل على دعم وميزانيات لعمل فرق بحثية تؤهله للاكتشافات…إلخ فكانت إجابته سلبية في الوقت الراهن حيث إن استقطاب الوزارة يعمد على توفير وظائف للفنيين الروتينيين في مختبرات التشخيص وما إلى ذلك. سؤال لوزارة الصحة: هل يوجد قواعد واضحة» لماهية الحقوق والائتمان للمكتشف الغلبان؟! هاشتاق للمقال: # MERS-CoV #أبحاث المرجع: http://www.nature.com/news/tensions-linger-over-discovery-of-coronavirus-1.12108