و(الكُورُولا) للسائقين غيرها، ضربٌ من سيارات ضخمةٌ كراديس (رفارفها)، صقيلة عجيزتها، لا ذنب لها كي تُحشر في هذا السياق، سوى مقاربتها لرواية (الحب في زمن الكُوليرا)، أشهر روايات الكولومبي ماركيز، التي عرضت قصة عاشقين منذ المراهقة حتى بلوغهما أرذل الحب والعمر معاً، في تسلسل مفعم بالواقع الإنساني الساحر. ساحرٌ ماركيز وهو يستعرض ثقافة أمريكا اللاتينية بمهارة، وينقل أجواء الحرب الأهلية يومها التي لم تَفُقْها درامية سوى علاقة العاشق (فلورنتينو أريثا) بحبيبته (فيرمينا داثا)، بدأت برسائل عاطفية في مقاعد المدرسة الابتدائية، وانتهت بالكُوليرا على ظهر سفينة بائسة. بائساً كان يبدو سائق (كُورُولا) وهو يستجديني (عفريتة/ رافعة) في شارع مظلم ل(بَنْشَرَة) إحدى إطاراتها المضروبة. يمضُغ في عَلَكَةٍ لعنت مستقرّها بين أضراسه المائعة! مائعةٌ كانت الفتاة التي سحبها من الشارع، تتكئ بقلق على مقدمة السيارة، تنتظر عشيقها الفجائي المنهمك في استبدال (نعل) السيارة الذي (طرشق) غضباً في شارع ميت. ميتاً نهض (نصف الرجل)، دلق شكراً بارداً على وجهي وغمز لرفيقته بالركوب ليواصلا رحلة عشقهما الفاسق. فاسقةٌ بدت الفتاة وهي تملأ فراغ الكابينة بجسدها الصدئ، كأنها تسخر من ماركيز وعاشقَيْه اللذَيْن لم يعرفا المُجون الراكب. ركّابٌ كثيرون من مرتادي الجنس المتحرك، يملأون الطرقات ليلاً ونهاراً، تشكو من فعلتهم دور رعاية الأيتام، و(بطون) الكلاب الضالة وهي تتلمظ أطفال الخطأ الرومانسي الذين يلقونهم في ليل بهيم ضال. ضالٌ كل سائق يُوقف سيارته ليأكل من غنم الشوارع (القاصية)، بذريعة (فضل الظهر). قصم الله ظهركم يا هؤلاء.