صديقي.. ثمة حكمة فرنسية عميقة وتافهة في آن واحد تقول: «أن تصل متأخرا خير من ألا تصل أبدا». عميقة حين يتم تطبيقها في مجتمع ينتشر فيه الظلم والطغيان، فأن يأتي العدل متأخرا أفضل بكثير من ألا يأتي؛ لهذا أمر جيد أن يصل العدل ولو متأخرا. لكن هذه الحكمة تصبح تافهة جدا حين نطبقها في وضع آخر، كأن تصل متأخرا في الحب. هل قرأت رواية «الحب في زمن الكوليرا» للكولومبي جابرييل غارسيا ماركيز؟ ذاك الحب الغريب بين «فلورنتينو» الذي أحب «فيرمينا»، وكان يرسل لها رسائل يوميا، بعد ثلاث سنوات من حبها لكاتب الرسائل، وبعد أن طردت من المدرسة لأن معلمتها اكتشفت الرسائل، رفض والدها هذا الحب، لأنه يحب ابنته، ويتمنى لها مستقبلا أفضل، فوافق على الطبيب الوسيم لوضعه الاجتماعي الجيد، هي كذلك «فيرمينا» وجدت وبعد ثلاث سنوات أن صاحب الرسائل لا يملك وسامة ذاك الطبيب، لهذا تزوجت الطبيب، وعاشت معه 52 عاما سعيدة. فيما «فلورنتينو» قرر أنه لا يمكن له أن يحب امرأة أخرى غيرها، فعاش 52 عاما بلا أمل، أو هو قلبه لم يستطع أن يحب امرأة أخرى، ليس معنى هذا أنه كان بريئا وعذريا طوال حياته، لكنه لم يحب أي امرأة، لهذا لم يتزوج أبدا. وكان النساء العابرات يعتقدن أن «فلورنتينو» بلا قلب، وكان هذا صحيح، «ففيرمينا» سرقت قلبه، وقالت له ومن خلال الرسائل قبل 52 عاما «اعتبر هذا حب». ولتكتمل مأساة «فلورنتينو» كان الزوج/الطبيب «داثا» مثاليا، ويحب زوجته، ومع هذا لم يكف هو عن حبها. بعد 52 عاما، وفي يوم دفن زوجها يأتي ليس معزيا، بل ليقول لها أنه ما زال يحبها، وأنه لا يستطيع الحياة بدونها، ولأنها لا تصدق أنه يمكن لشخص ما أن ينتظر 52 عاما، طردته وهي تقول له: «أنت مجنون». الخلاصة يا صديقي، إن تلك الحكمة تصبح تافهة جدا في الحب، بل وغبية. لأننا في الحب يجب أن نعيد صياغة الحكمة لتأتي هكذا «في الحب من يأتي متأخرا عليه ألا يأتي أبدا»، لأنه سيجد من يحب قد رتبت حياتها بطريقة من الصعب أن تغيرها، ومن الصعب أن تثق بمثل هذا الحب، بعد أن اختبرت الخيانات. ومع هذا لم يستطع قلبي أن يقنتع بالصياغة الجديدة لتلك الحكمة، وما زال هناك صراع بين عقلي وقلبي، ولست أدري من سينتصر، ومع هذا أنا بينهم أتألم. التوقيع : صديقك السبعيني S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة