على الرغم من مرور عامين على اندلاع الأحداث في سوريا التي تحوَّلت خلالها الثورة السلمية إلى حرب حقيقية بين قوى الثورة والنظام، لم يستطع المجتمع الدولي إيجاد مخرج لوقف هذا الصراع الذي بدأ ينحو باتجاهات خطيرة، خاصة مع دخول قوى إقليمية ودولية كأطراف في عمق هذه الأزمة، والشعب السوري الذي بدأ بثورة للمطالبة بإسقاط نظامه وإقامة نظام جديد يعبِّر عن مصالحه ويرسم مستقبله، توزع أكثر من ربعه كمهجرين ونازحين ولاجئين، ولم يعد سيد القرار على ثورته ولا هو من يحدد مطالبه ولا مستقبله في هذا الصراع، بل باتت الأزمة السورية وحلها بيد الدول الكبرى وكرة تتقاذفها أقدام اللاعبين الدوليين والإقليميين دون تحديد لزمن هذه المباراة، بينما يستمر القتل والدمار يومياً. بعد سنتين بات من الواضح أن ما يجري في سوريا يتجه نحو تفتيت المجتمع السوري وتمزيقه وتركه تحت رحمة الأطراف المتصارعة بكل تلويناتها السياسية والدينية والطائفية، ما يؤشر إلى أن سوريا تركت عمداً من قِبَل القوى العظمى للتحول إلى ساحة ممزقة على الطريقة العراقية، لن تتعافى ويعود الهدوء إليها لسنوات طوال، لتنشط فيها التنظيمات الجهادية المتشددة وتستقطب المجاهدين من كل أنحاء العالم، بدأت بجبهة النصرة التي دخلت بسرعة خاطفة على خط الصراع وأصبحت من أهم الأطراف المتصارعة في سوريا، ومن ثم يعلن تنظيم القاعدة في العراق أنها جزء منه، ويصبح طرفا الصراع في سوريا بين نظام الأسد الذي فقد شرعيته بشكل كامل يقاتل القاعدة التنظيم الإرهابي ويتحول طرفا الصراع إلى طرفين لا شرعيين وخارجين على القانون.وتتحوَّل المعارضة السورية التي يقول كثير من المراقبون إنها لا تُمِّثل الشعب السوري وليس لها تأييد داخل قوى الثورة في المناطق المحررة، إلى شكل وديكور بانتظار أن يأتي دورها في تسوية دولية وإقليمية تفرضها القوى الكبرى بعيداً عن طموحات وآمال من انطلقوا بالثورة في واقع لا ينذر سوى بمزيد من الدمار والتمزق والحرب.