كلنا يعرف أن عمل الدماغ والنظام العصبي والسلوكي ينقسمان إلى الوعي واللاوعي، وأكبر قناعتنا كبشر أننا نملك خيارات كبيرة وغنية في منظومة الوعي ونفخر كثيراً بكوننا أسياد قراراتنا. أمر جميل. نستخدم أحياناً عبارة (لا أعرف كيف وصلت إلى هنا) أو (لا أدري لما أرضى بهذا الحال حتى الساعة) للتعبير عن حالة الإنهاك التي نعيشها أو حتى الاستسلام. ماسبق هو اعتراف ضمني بأن بعض قراراتنا التي يفترض أنها قرارات واعية تم تسليمها إلى اللاوعي لاتخاذ اللازم وتكون عقولنا على المحك حال اتخاذنا للقرارات أياً كان الداعي لها خوف ،حزن، قرار عمل..إلخ الحقيقة العلمية أن مجمل عمل الدماغ هو ضمن نطاق اللاواعي..!! والخبرات التراكمية يخزنها العقل ويقسمها كنماذج يبدأ بالقياس عليها لاحقاً كلما دعت الحاجة وهذا يفسر بوضوح قولنا (لا أعرف كيف وصلت إلى هنا!!)حيث إن العقل وصلته ذات الصور من المكان والزمان والمحيط وبالتالي تصرف تلقائياً على حسب النموذج المخزن. ماذا بخصوص القرارات؟ يفرز الدماغ مادة كيميائية تعرف بالدوبامين بكميات معينة فإن توافق الحدث مع ماهو مسجل فيه بقيت الكمية على ماهيه عليه وإن اختلفت قد تحدث له صدمة فيتوقف عن إنتاجها فيصاب الإنسان بحالة من الحزن والاستسلام ويترك قراره لغيره أو أنه يفرزها بكميات أكبر ليحفز كل مناطقه للعمل بكل طاقتها لحل هذا الإشكال فيتم القياس على المعلومات والنماذج المخزن ذاتياً في اتخاذ القرار بمعنى آخر هو ترك للعقل اللاواعي أمر اتخاذ القرار بالنيابة عنه. إذا فكوننا (مسيرين ولسنا مخيرين)أكبر مما نعتقد..