ناصر عبدالعزيز الرابح من نعم الله على عباده وبلاده أن جعل من هطول الأمطار نعماً متعددة لا تُحصى، ومنها أنها تكشف بؤر الفساد للبنية التحية التي تكون الوزارات الخدمية هي المسؤولة عنها، وفي المملكة تحديداً تكشف الأمطار سوء التخطيط أو التنفيذ أو الإشراف للمشاريع، سواء كانت طرقاًَ أو أنفاقاً أو جسوراً أو تصريف السيول أو الصرف الصحي أو تنفيذ مخططات سكنية تحمل المواطن عبء الإنشاء السكني، متحملاً قروض البنوك التي لا ترحم وتُجَّار السيارات ملتهمي الجيوب بلا هوادة.. أو إنشاء المدارس والكليات التي تفتقد معايير الجودة وسوء التنفيذ وغياب الضمير الرقابي.. في حائل لنا تجارب كثيرة كما هو حال بعض مناطق المملكة التي تعرضت لكشف المستور، ومنها غرق جدة ومازال موضوعه قيد المحاكم منذ ثلاث سنوات دون أن يسدل الستار عنه! حائل ليست المرة الأولى التي تعري الأمطار عيوب عمل الإدارات الخدمية فيها فلنا تجارب وأحداث تمر مرور الكرام دون مساءلة ولا محاسبة حيال تلك العيوب والمشكلات التي تتفاقم من سيئ إلى أسوء.. أمطار حائل الأخيرة وهي أمطار عادية لا تصل إلى درجة وصفها بالعواصف التي تجتاح دولاً أخرى ولا تتأثر بنيتها التحتية كما نتأثر مع مطر لا يتجاوز استمراره أكثر من نصف ساعة.. وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات نقلت بالصورة التي لا يستطيع أكبر مسؤول أو أصغر موظف نفيها أو إنكارها حيال تعري وكشف سوء تنفيذ مشاريعنا التي هي في الأصل للمواطن الحائلي وليس للمسؤول أو المسؤولين الذين ضحكوا علينا كثيراً في زمن كان الإعلام المحكوم غائباً عن كشفها أو ممنوعا عن نقلها بسبب تقاسم المصالح والمنافع من خلال الإعلانات الصحفية أو الملاحق التي تلتهم مئات آلاف الريالات عند زيارات، وزراء الخدمات لحائل وما تتوجه زياراتهم من وعود بلا عقود وأقوال بلا أفعال وأعمال بلا إنجاز.. أمطار حائل عرت مشاريع مدرسية لم يمض على تأهيلها شهران كالمتوسطة 15 للبنات نتج عنها من تطاير المظلات الشراعية ودخول المياه الفصول، مما عطل الدراسة فيها والابتدائية السادسة الذي تسربت الأمطار إلى فصول الدور الثالث هذه أمثلة لمشاريع وزارة التربية والتعليم التي تلتهم ربع ميزانية الدولة سنوياً ومشاريعها لا رقيب ولا حسيب.. أما كليات البنات بحي أجا فتحولت ممراتها وبواباتها لأودية صرف المياه من خلالها، أما قاعاتها فهي أحواض لبرك مياه راكدة تسربت من السطوح وليس من الأبواب والنوافذ، وهذا مثال لفشل مشاريع وزارة التعليم العالي والتي تحظى بالدعم المالي السخي سنوياً وقادتها من حملة الدكتوراة ومن جامعات الغرب والشرق، وهذه نتائج علمهم وتعليمهم وإدارتهم للجامعات..أما الشوارع فقد تحولت إلى أنهار جارفة وانهيارات بالطرق والأرصفة وتطاير للمعالم الجمالية ومجاري الصرف الصحي التي تم تنفيذ الخط الرئيس في قلب وادي الإديرع وكشفت غرف التوصيل وعرتها أمام الأبصار وقد يكون تعرضت للانسداد بسبب قوة السيل ناهيك عن الأحياء التي تحولت شوارعها إلى أنهار جارية تصطدم بأسوار المباني …هذا يؤكد سوء التخطيط والتنفيذ والإشراف لوزارة جل مسؤوليها من حملة الهندسة التي لم تهندس البنية التحية هندسة علمية … طبعاً ما حدث لا يقال بسبب سوء الأحوال الجوية بل يقال بسبب سوء البنية التحتية وغياب قانون المراقبة والمحاسبة الذي أصبح المسؤول الكبير بمنأى عن السؤال حيال الفساد ومعاقبته على ما ارتكبه في حق الوطن والمواطن، وهذا والله هو السبب في تدمير البنية التحية ونحن ننعم بخيرات كثيرة وميزانيات مالية تظهر لغة الأرقام الفلكية وتصدر توجهات ملكية بتسخيرها للمواطن كمحور ومستهدف للتنمية، ولكن أين تذهب ؟ وكيف تُنفق؟..أمطار حائل كنت أتوقع أن يعقد مجلس المنطقة جلسة طارئة تتسم بالمكاشفة لتعرية مديري الإدارات الخدمية ومناقشة الصور والتقارير الإخبارية التي نشرتها الصحف وليس التقارير المضللة التي يعدها مسؤولو الإدارات، عندما تعقد الجلسة العادية ويسرد ما تم اعتماده من مشاريع بلغة الأرقام المكررة.. نعم أمطار حائل يجب ألاَّ تمر دون محاسبة مسؤولي الإدارات في حائل وأن تكون نزاهة شريكا حقيقيا لتتولى الأمر بعيداً عن حساسية المصطلحات هذا مدير وهذا دكتور وهذا من عائلة كذا أو ذاك قريب لمسؤول كبير إن كنا نريد صيانة الوطن وحماية المواطن والحفاظ على مقدراته.