قال عنهم الأمير نايف بن عبدالعزيز – رحمه الله – :(هم أبناء الوطن، ذهبوا وعادوا..وليس بدون)، وقد أوفى بوعده وحل مشكلة 90% منهم، لكن البقية وجدوا أنفسهم عالقين بين شيخ القبيلة ونظام التجنيس! هم ليسوا وافدين أو مهاجرين هجرة غير شرعية، وليسوا بحاجة لإثبات انتمائهم ووطنيتهم، هم فقط يأملون تصحيح غلطة ارتكبها أجدادهم الذين كانوا يعتقدون أن «الورق» ليس من ضروريات الحياة، بل وحتى «الممات» إذ أصبح دفن الميت يتطلب أوراقاً ثبوتية! وهؤلاء ليسوا بدواً رحّلاً يتوزعون في الصحراء، بل أغلبهم في المدن حيث ولد آباؤهم بدءاً من مشارف الشمال وانتهاء بالعاصمة، من وجد منهم الفرصة في غفلة من البيروقراطية حصل على شهادات في الطب والهندسة والحقوق، فيما بقي الأغلبية يقاومون غصّة الإجابة عندما يسألهم أطفالهم عن سبب رفض المدرسة لهم. قصص كثيرة غارقة في الألم الذي لا يخلو من ومضات فنتازية، فأحدهم من أب وأم وثلاثة أشقاء كلهم سعوديون إلا أنه لا يحمل الجنسيّة! آخر شقيق لأحد أبطالنا شهداء الواجب لكنه «بدون» يقول: (أنا سعودي رغماً عن شيخ القبيلة)! في حالات أُخرى تجد الأب لا يحمل الجنسية السعودية فيما الأبناء سعوديون، وحالات يوجد النقيض فالأب سعودي والأبناء (نازحون) كما تقول المفردة التي تُكتب أمام مسمّى الجنسية. قصص كثيرة يمتد بعضها على مدى 30 عاماً، لم تشفع لهم خدمتهم كما هو حال «عويّد» الذي قضى عمره في خدمة الوطن كأي سعودي حتى وصل لمرحلة التقاعد، إذ وجد نفسه بلا «راتب تقاعدي» نظير خدمته ليس هنا فقط تكمن المأساة. بل إن «الجمعيات الخيرية» تعامله ك«وافد« وتتعاطف معه أحياناً بصدقة «مقطوعة»! أحد الزملاء الكُتّاب من هذه الفئة كان سرد لي قصصاً من يوميات «بدون». وختم بجملة موجعة: (كثير من الأصدقاء البدون اضطروا للهجرة..أتمنى ألا أضطر لذلك). أقول هذا الكلام وأنا أثق أن سمو وزير الداخلية يعرف عنهم أكثر مما أعرف، ويحس بآلامهم أكثر مما أُحس، وهم أيضاً يثقون بأنه لن ينساهم، هم فقط يتألمون من اللجان التي تتنصل من دورها بذرائع دائمة تردهم مكسورين.