عندما تتلبد السماء بالغيوم وتعقبها رشة مطر يتهامس السعوديون بينهم «هذا مهوب جو شغل» والشغل المقصود به هنا هو العمل الذي لا يحظى بقيمة اجتماعية أو شخصية لدينا، وفي الوقت الذي تفتقد فيه حياتنا إلى البهجة مما يجعلنا بوعي أو بدون وعي نلوكها بنفس الطريقة المملة، فأصحاب الاستراحات سارحون في استراحاتهم، وأصحاب الكشتات سامرون في كشتاتهم، وقعدات الحش المتكررة مصير أغلب نشاطاتنا الاجتماعية من طلعات بر أو استراحات، نمارس حياتنا بعبث قسري يسري على كل الأنماط البشرية والأعمار، ومع تزايد ضغوط الطفش والافتقار إلى البهجة تزيد ممارساتنا العبثية التي نرجو منها لعل وعسى أن تضفي البهجة لحياة لا يوجد بها بهجة. فنصبح مثل ظمآن يلحق سراب البهجة. في غمرة هذا اللهاث وراء البهجة ننسى أن متعة الحياة في الإنجاز، والإنجاز يتطلب عملا وليس بالضرورة العمل الذي نقتات منه قوت عيالنا ولكن أي عمل حتى على المستوى الشخصي حتى ولو كان هواية ما. افتقار مجتمعنا لقيمة العمل يكلفنا الثمن باهظاً، فهذه المشاريع المتعثرة هي جزء من افتقار المجتمع لقيمة العمل والمثابرة، هذا الافتقار يطالنا كلنا وليس ذلك المسؤول الذي يقف وراء المشروع المتعثر، نحن نتاج ثقافة لا تحترم العمل، مجتمع تزرع فيه المدرسة عدم قيمة المدرسة منذ الصغر حينما تُغلق أبوابها مع أول نسمة غبار ومع أول رشة مطر، كأننا نقول للأجيال هذه المدرسة لن تفيدكم بل انجوا بأرواحكم، هذه القيمة الوحيدة التي يخرج فيها أبناؤنا من مدارسهم وكل المقررات الضخمة فيها تذهب هباء، مجتمع لا يمثل العمل فيه قيمة هو مجتمع مدعاة للرثاء والشفقة.