صالح عبدالله الشبعان الدين ذل بالنهار وهم بالليل، وهذا طبعاً قبل أن يكون الدين لدى مؤسسات مالية تحكمها أنظمة وقوانين، حين تركز هذه الأنظمة والقوانين على الضحية (الضعيف) عوضاً عن الأخذ على يد القوي (البنوك)، فلكم أن تتصوروا حجم المآسي التي تنتج عن هذه المعادلة المقلوبة، خاصة أن دين البنوك قد يمتد لأكثر من ربع قرن. خلال العقدين الماضيين وبحكم عملي في العشر سنوات الأخيرة في الشؤون الإدارية والموارد البشرية لمنظومات ضخمة، كنت أرى بأم عيني البنوك تفرش السجاد الأحمر وتغري الضحايا بالتسهيلات، فإذا ما تعثرت الضحية لأي سبب، مثل فصله من العمل، فإنه يترشح تلقائياً لمرحلة «قهر البنوك» خاصة بعد أن وُضع نظام «سمة» لكي يجعل دوائر القهر متعددة محكمة الغلق عصية على التيسير.لأحد ممن أعرفهم تجربة مريرة، كان سببها منصبه الرفيع في أحد الكيانات العملاقة، اتصل به أحد البنوك السعودية عارضين عليه عرضاً مغرياً، مبلغاً ضخماً بنسبة مرابحة منخفضة ذلك الحين، وإمعاناً في الإغراء زاروه في مكتبه في بلدة أخرى بدلاً من حضوره للبنك. تحت هذه الإغراءات المتعددة وقع صاحبنا اتفاقية الاقتراض واستلم المبلغ خلال أيام معدودة وبلغت مدة القرض 60 شهراً، خلال ال 36 شهراً الأولى كان صاحبنا ملتزماً بالسداد دونما تأخير.حان وقت التغيير لظروف خاصة فقدم صاحبنا استقالته من العمل، وقبل الاستقالة بشهرين ذهب للبنك وأخبره بنيته للاستقالة وبعدم وجود مستحقات لنهاية الخدمة وبالتالي فمصدر الدخل الوحيد المتوفر هو الراتب التقاعدي الحكومي وأفاد برغبته بإعادة الجدولة تجنباً للتعثر، وللأسف كان الرفض من البنك مستنكراً، وطالب صاحبنا المقترض بالاستمرار بدفع الأقساط والتي تزيد على 235% من الراتب التقاعدي. اضطر معها صاحبنا لبيع قطعة أرض واستمر بالدفع 9 أقساط أخرى (تقريبا 175 ألف ريال) حتى نفدت جميع موارده، وقبل التعثر ذهب للبنك مراراً وتكراراً حيث تضيع المسؤولية، والأدهى والأمر الإذلال الذي تُعامل به كأن توضع بغرفة ضيقة لا تزيد عن 2×2 متر وتترك تنتظر، تماماً كالجاني الذي ينتظر قدوم المحقق بوجل وخوف، بل وبلغ الأمر في إحدى المرات أن المقابلة كانت مع حارس الأمن عند الدرج في الاستقبال، والانتظار عند الباب في منظر يدل على التعسف وقلة الاحترام والذوق وسوء التعامل، وفي كل مرة تتبدل الوجوه وتبدأ معاملة جديدة ونقاش وجدل متكرر مع الموظف المقابل.في كل مرة يراجع البنك أو يتصل به البنك يفاجأ بأن لا أحد يسجل الشكوى أو الوضع المتكرر ليجده من بعده، بل الكل يريد أن ينقض على الفريسة ليفوز بمغنم الحافز bounce. أخيراً وأمام إلحاح صاحبنا تم إبلاغه بأنه يمكن الجدولة على أساس 33% من الراتب التقاعدي (طبعاً شفهياً فقط دون توثيق) علماً بأن النظام لا يجيز اقتطاع أكثر من 25% من الراتب التقاعدي..و لكن(..)! كان البنك يطلع المقترض على ورقة الاحتساب دون السماح حتى بتصويرها، بل وحتى دون إعطاء خطاب رسمي بمبلغ إعادة الجدولة، وكان البنك مركزاً على تحويل الراتب وسداد قسط واحد على الأقل من المتأخرات وذلك كشرط سابق للجدولة، وفعلاً تم كل ذلك، لتحدث المفاجأة بأن يرفض البنك الجدولة (أيضا شفاهة دون توثيق) وتستمر المعاناة وتستمر الاتصالات ورسائل التهديد والوعيد بنظام سمة، ويستمر الراتب التقاعدي يودع لديهم ويحسم بالكامل منذ 5 أشهر! وصاحبنا وعائلته محرومون منه بلا وجه حق. ثمة أسئلة ملحة هنا: 1. كم هو عدد ضحايا البنوك من أمثال صاحبنا المنكوب؟ 2. لماذا تترك البنوك تتعامل بسياسة القهر والتعسف بل تُعان عن طريق نظام سمة؟ هذا الذي جرى في قصة صاحبنا بتفاصيله المرة من عدم التوثيق أو كتابة محضر وحتى إثبات الحضور لماذا يغض الطرف عنه وهو جزء أساس في أي قضية ترفع من قبل البنك ضد أحد «الفرائس»؟ كما يجمع كل من قابلتهم وحدثتهم أن هناك مشكلة وتعسفاً واضحاً من قبل البنوك خاصة في إخلاء الطرف وإعادة الجدولة حسب الأنظمة فأين دور مؤسسة النقد وقد أخذ الأمر شكل الظاهرة؟ كما توجد لديّ نسخة من الأوراق الثبوتية الخاصة بصاحبنا والتي تثبت كل الوقائع أعلاه.. وأكثر منها.