في الأسبوع الماضي عدت المعارضة السورية أن دور حزب الله في القتال في مدينة حمص وصل لحد «استحقاق الحزب لإعلان الحرب عليه». ولا يبدو أن المقاتلين السوريين راضون بما جاء في تصريحات المسؤولين من حزب الله بأن الحزب موجود في الأراضي السورية لمجرد حماية المواطنين اللبنانيين الذين يعيشون في منظومة من القرى في الشريط الحدودي هناك. الحق أن المسؤولين في حزب الله لم يتخلوا عن روح الدعابة حتى في مثل هذه الظروف الصعبة، فصرح أحدهم بأن وجود قوات حزب الله في المنطقة المحتربة هو جزء من واجب وطني وأخلاقي تجاه أولئك المواطنين اللبنانيين الذين يعيشون في الحدود! تصريح القيادة في الجيش الحر بأن ما مارسه حزب الله في معركة القصير هو إعلان للحرب، مبرر بلا شك. فقد بات من المسلمات أن الدور الأكبر في معركة القصير كان لحزب الله وللتقنية الإيرانية ولم يكن لقوات الأسد، وكانت قيادة المعارك بيد حزب الله الذي زج بالنخبة من قياداته في معركة القصير مستخدما كوادره من الشباب الذين ينتمون لتلك القرى في الشريط الحدودي. معركة القصير هي المعركة الرئيسية الآن, على حد ما جاء في تصريح لبشار الأسد وأنه سيسعى للانتصار فيها بأي ثمن كان. هذا التصريح يفسر حمأة المعارك في الأسبوع الماضي ومحاولة حصر الثوار ليكونوا وسطاً بين طرفين يتلقى منهما الضربات بتوقيت مختلف مما قد يُحدث الإرباك في صفوف ذلك الوسط. إلا أن الثوار السوريين فيما يبدو يملكون الوعي السياسي الكافي لإدراك وتصور هذه المكيدة العسكرية القديمة. تصريح الجيش الحر بأن ما مارسه حزب الله في معركة القصير هو إعلان للحرب، معناه سياسياً، أن القوات الثائرة في سوريا قد أخلت مسؤوليتها سياسيا وأخلاقياً من أي نتيجة للرد الذي ستقوم به تجاه هذا التدخل السافر الذي لم تعد اللغة الدبلوماسية قادرة على تغطيته أو صرف النظر عنه. كما أن هذا التصريح يعني أنه لا يُستبعد أن تستهدف الثورة السورية الجنوب اللبناني في معاركها القادمة، وربما تكون الضاحية الجنوبية هي الهدف في تحركات الثوار السوريين، ولو من باب إيصال رسالة واضحة لحزب الله بأن السوريين لا يمكن أن يبقوا في قفص المدافع عن نفسه للأبد وإنه من أسهل الأشياء أن يتحولوا لدور مهاجم خصمه في عقر داره، خصوصاً وأن الهجوم كما قيل، هو أفضل وسيلة للدفاع. وإذا ثبت أن قيادة المعارك في حمص، كانت لنصر الله وحزب الله وليست لبشار الأسد، فلا بأس أن تؤجل دمشق بعض الوقت وأن يكون هدف الجيش الحر والثوار السوريين عموما هو الجنوب اللبناني، إذ من الطبيعي أن يتوجه السوريون لرأس الأفعى التي تلدغهم لا لذنبها. كما أن في ذلك رسالة أخرى لذلك الكم من السياسيين اللبنانيين من حلفاء النظام السوري، وكم آخر من كتاب الصحف والمثقفين وصناع الرأي في لبنان, والذين لا يتصورون حياة وراء نظام الأسد، بأن هذا الولاء -أو قل هذا الخوف من نظام الأسد- له ثمنه أيضاً والذي قد يكون باهظاً جداً.