سألتني قارئة في تعليقها على عمودي في «الشرق»، عن كتاب قديم كتبته زوجتي ليلى سعيد رحمة الله عليها، بعنوان (الإنسان حين يكون كلاًّ وحين يكون عدلاً) وهي مأخوذة من آية في القرآن الكريم حين يضرب الله المثل بنوعين من الناس من يكون كلاًّ (بالشدة) أينما يوجهه صاحبه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم؟ فلا يستويان مثلاً. وفي القرآن نماذج كثيرة من الأمثلة تستحق أن يجمعها الإنسان في كتاب مستقل يضيئها في نور العلوم الإنسانية المساعدة. أنا شخصياً لم أفهم عمق بعض الآيات إلا في ضوء العلوم الإنسانية المساعدة، كما في (ثلاثي) آية آخر سورة النحل وانتهائها (باثنين) عن القرية التي كفرت بأنعم الله (آمنة + مطمئنة + رغد العيش) مقابل: فأذاقها الله لباس (الجوع + الخوف) بما كانوا يصنعون. أعترف للقارئ بأنني لم أفهم الآية تماماً حتى قرأت (سلم الحاجيات الإنسانية الخماسي) عند أبراهام ماسلو من مدرسة علم النفس الإنساني. سألت القارئة عن ظروف الكتاب ولماذا لم يظهر باسم زوجتي بل صدر باسم أخيها داعية اللاعنف جودت سعيد، وجوابي أن فكرة الكتاب هي له وهي رحمة الله عليها، كانت تساعده في إنتاج الكتاب. والمهم أنهما قاما بسنة حسنة حبذا لو تطبق في الأعراس؛ فقد اعتاد الناس أن تعمل حفلات كبيرة بكلفات باهظة تكسر الظهر يضطر فيها العريس أحياناً إلى الاستدانة. كانت حفلة عرسي أنا وليلى سعيد هذا الكتاب الذي طبع ووزع على الناس يومها، وكان له أثر طيب على النفوس. خلاصة الكتاب هي الصدمة الثقافية التي يتعرض لها من يغادر بلده، ويضطر للاختصاص والعمل في بلد آخر، أنه قد يضطر للتغير والانحراف، في حين أن الذي استعد وتهيأ لهذا التغير يستقبل الأمور بروح منفتحة، فيضيف الخير عند الآخرين للخير الذي في قلبه، كما في (احترام الإنسان) و(قيمة الوقت) و(العناية بالورد) و(النظافة جزء من وحدة العمل) و(دقة الانضباط المواعيد) و(إتقان العمل) و(تسهيل المعاملات) بدل جحيم البيروقراطية القاتلة الكسولة، و(العدل مع الآخرين) و(اللامركزية في تنظيم الأمور) وما شابه؛ فهي من ينبوع النبوة وتعليم الصالحين، فبهداهم اقتده.