استقبل الوسط الأدبي تكليف الناقد حسين بافقيه مديراً عاماً للأندية الأدبية الأسبوع قبل الماضي بحفاوة، خصوصاً وأنه جاء بعد زوبعة أدبي تبوك ومهرجان الشعر. يعدّ بافقيه من جيل النقاد الشباب، ويتميز بعلاقة حميمة مع الوسط الثقافي، الشريحة المعنية بتلك الأندية، والزوبعة التي مروا بها من خلال الانتخابات والقرارات الارتجالية التي صاحبت تلك المرحلة. وكما سبق أن تحدثت وزارة الثقافة بأن للأندية الأدبية ذاتاً شخصية اعتبارية مستقلة عن الوزارة، لكنها في الحقيقة لم تخرج من حلة «الوصاية» عليها، ولم تكن الوزارة مجرد جهة إشرافية بل كانت آمرة وناهية فيها. مما حدا بالبعض للابتعاد عن الحراك الثقافي معتبراً إياه (ميتاً) من وجهة نظر المبتعدين. ملفات كثيرة هي العالقة أمام بافقيه، وأهمها جازان والمنطقة الشرقية، حيث وصلت الذروة في أدبي جازان إلى أن يقدم معظم أعضاء المجلس استقالتهم والانزواء واللجوء للمحاكم لحل تلك النزاعات، بعد أن تركتهم الوزارة في بحرهم! والركون للمجالس والديوانيات الأهلية لمناقشة قضاياهم الثقافية وإقامة أمسياتهم الإبداعية، وتحول أدبي جازان إلى ساحة للمعارك والمناوشات أثناء الاجتماعات التي لا يتم الاتفاق من خلالها على قرار واحد. وبعد أن كان أدبي جازان مشعلاً للحراك الثقافي في جنوب المملكة، واستطاع قبل ثلاث سنوات أن يسحب البساط من بعض الأندية (النائمة)، ليقيم مهرجانات وملتقيات، أصبح ينتظرها جميع جمهور المبدعين والمثقفين في المملكة. الملف الثاني هو أدبي الشرقية الذي أصبح مهملاً على طاولة الوزارة وبين أروقة المحاكم، وفي حالة من الشد بين إدارتين وترحم على ثالثة مستقيلة. وما كان سبب انسحاب الإدارة السابقة سوى طلب تفعيل نظام الانتخابات، وإقرار اللائحة، وعقد جمعية عمومية، لا تُدار عبر (الريموت كنترول)، ليشعر أدباء الساحل الشرقي بأنهم ضمن أجندة الاهتمام من قِبل وزارة الثقافة. معوقات كثيرة وقفت أمام تلك الإدارات خلال السنوات الثلاث الماضية، وكانت هناك عشوائية في اختيار الأعضاء، سواء المكلفين أو المعينين، ولعل التعيين كان (كارثة) النادي، ما جعل كثيراً من العناصر الفاعلة ضمن أروقة النادي في السابق ينسحبون، ويتعففون حتى عن التسجيل في عضوية النادي، التي كانت تفرز حسب مزاج رئيسها المعين السابق، وقبل أن يكون منتخباً. وملف آخر يجب الالتفات إليه (لائحة الأندية الأدبية) قبل الخروج بتوصيات لجنة التعديلات، دون تعديلات حقيقية ينتظرها المثقفون والكتاب في المملكة من اللائحة، وما ستقدمه هل هو لصالح المثقف أو الأكاديمي؟ ملفات كثيرة بحاجة لقرارات حاسمة، وعصى سحرية، وشخصية «قادرة» على الصمود تجاه عواصف المثقفين الذين لا يرتضون بالقليل. ولعلنا نتفاءل بوجود حسين بافقيه في مثل هذا المنصب، لأنه على علم بكل ما سبق، وهو جزء من المنظومة الثقافية، قبل أن يكون مسؤولاً عن هذه الإدارة التي كان البعض يعدّها مجرد وظيفة (حكومية).