المثقف الحقيقي: هو الذي يسهم بكل متحضّر في البناء والنماء، في التنوير والتوعية بكل فاعلية بعيداً عن الصراع والجدل القديم الجديد في تعريف معنى «ثقافة ومثقف». مجتمع اليوم سئم صراع وصراخ المثقفين وخروجهم للهامش في صرعات مخزية كلها ذمّ وقدح وطعن وقذف وتشكيك وتكذيب تهديد ووعيد. فبالله عليكم أين الثقافة مع كل هذا؟ ومن المنتصر بعد هذا؟ وكيف المخرج من هذا؟ مجتمعنا اليوم بحاجة لمنافذ ثقافية متعددة بعيداً عن الأندية الأدبية والدعوات النخبوية إلى الفنادق الفارهة التي أصبحت بكل أسف بؤرة لصراعات ممجوجة بين وهم التيارات وسطوة النخب الأدبية، فالكل يعتقد أنه الأوحد والأمثل بل يرى أنه الأكمل في صراع سخيف أشغل به المجتمع، ووزارة الثقافة مشغولة بين انتخابات نادٍ أدبي هنا وإعادة انتخاب هناك وتحقيق وتشكيك في ثالث، حتى إن المتابع والمهتم يشعر بحرقة مما يرى من صراع وتشكيك، والأمرّ والأدهى من ذلك وقوف وزارة الثقافة في الوسط، فأحياناً تصدّق وأخرى تكذّب وثالثة تقر بالخطأ وتعد بالتحقيق في زمن لم تعد الحاجة للقاعات المغلقة وبطاقات الدعوة المميزة والخاصة، لأن إنسان اليوم يقرأ الإبداع والفكر على مستوى ثقافات العالم وهو في زاوية من زوايا هذا الفضاء المنفتح بكل يسر وسهولة. فلماذا الصراع والجميع يعلم أن الباحث عن المعرفة اليوم لم يعد يؤمن بالوصاية وأصبح أكثر، وعياً وأصبحت لديه الفرص المتعددة لينمّي فِكره بعيداً عن هذه الضجة الإعلامية حول الثقافة والمثقف؟. ومع كل هذا الصخب يبقى الأمل في أن تفعّل وزارة الثقافة دور المراكز الثقافية بعيداً عن طوق الأندية الأدبية التي اشتغلت واشغلت المجتمع بمحاولة استصلاحها بالانتخاب الصوري الذي سمح بالتكتلات وكثير من التجاوزات التي تنعكس بلا شك على سمعة وثقة العامة بالوزارة، ولن تصلح وزارة الثقافة ما فَسد على مر السنين الماضية، يفترض أن تنتبه لذلك وتخرج عن هذا الطوق بفتح المجال للمراكز في كل محافظة ومدينة عندها سيجد المبدع فرصته وتعود الثقة بلا وصاية وبلا تصنيف.