أتى قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمس بمنح العاملين المخالفين لأنظمة العمل مهلة ثلاثة أشهر لتصحيح أوضاعهم استجابة للظروف الإنسانية والاجتماعية والعملية لعدد كبير من المتضررين من التطبيق الفوري لترحيل المخالفين. ويستبق الملك بهذا القرار ردود الفعل التي بدأت تظهر على السطح والانتقادات الحادة لحملات الجوازات والعمل على المخالفين، إذ إنّ هذه الحملات تساوي بين عامل مخالف عمداً، وبين آخر لديه تبريرات وظروف وقتية أو عالقة بحاجة إلى تصحيح. وقرار خادم الحرمين الشريفين الإنساني بالدرجة الأولى، يؤكد على وجود فجوة واسعة بين الرغبة الصادقة في تصحيح أوضاع سوق العمل في السعودية، وبين الواقع العملي الذي تحكمه حسابات الأرض وحركة سوق العمل الذي يعاني خللا متراكما ومزمنا لا يعالج بحلول مجتزأة. المهلة التي منحها هرم القيادة في الدولة، ليست للمخالفين وحدهم، وإنما هي بشكل غير مباشر إشارة واضحة إلى القائمين على هذه الحملات بأن آلياتهم بنيت على أساس غير منهجي، مما أدى إلى ظهور نتائج سلبية مباشرة منذ الأيام الأولى لحملاتهم التي طافت جميع مدن وقرى المملكة. يعني قرار الملك الصادر أمس بشكل جليّ أنه ينبغي التأمّل مليّا في عشوائية المعالجات على الأرض، ذلك أن هناك حلولاً أخرى أكثر فاعلية يمكن استنباتها ترضي جميع الأطراف المتعاملة، بحيث نصل إلى مرحلة قناعة تامة لدى كل من يتم ترحيله بجرمه ومخالفته. إن الكرة الآن في ملعب المخالفين، السعوديين والمقيمين، وعليهم أن يستفيدوا من الفرصة التي أتاحها خادم الحرمين الشريفين، وذلك بالمبادرة السريعة لتصحيح أوضاعهم ووضع الأنظمة المرعية في المملكة بعين الاعتبار وعلى النحو الذي لا يتضرر به طرف من الأطراف، خاصة أن المهلة الممنوحة ليست قصيرة إذا قيست بمتطلبات الإجراءات المتبعة في نقل الكفالة أو تعديل المهن أو غير ذلك من الإجراءات النظامية التي يعرفها أصحاب العمل والعاملين معاً.