غادر أمس العاصمة السعودية الرياض، متجهاً لمحطةٍ خليجية أخرى، وفد ياباني رفيع المستوى، أمضى 48 ساعة في المملكة، التقى خلالها مسؤولين سعوديين وخليجيين في آنٍ واحد. وخرجت اليابان بعد الزيارة، باتفاقية أبرمتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، تكفل تغطية كميات من الاحتياجات النفطية اليابانية، تُقدّر بحوالي %9 من استهلاكها النفطي المحلي. وطبقاً لما أكدته مصادر مُتابعة ل»الشرق»، فإن الحصة النفطية التي أبرمت اليابان للحصول عليها اتفاقيةً مع دول مجلس التعاون الخليجي، تأتي في محل احتياج نفطي كانت اليابان تحصل عليه من الجمهورية الإيرانية. ولم يُخفِ مسؤولون يابانيون، على رأسهم وزير الخارجية الياباني كونتشيرو غيمبا، قلقاً أبدوه خلال زيارتهم للرياض، من فرض عقوباتٍ على طهران تُعوق تصدير النفط الإيراني، الذي تحصل اليابان منه على حصة %9لتغطية احتياجها المحلي. وأبرمت اليابان اتفاقية استراتيجية للتعاون، وقعها نيابة عن دول المجلس صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية السعودي، وشهدها الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف الزياني، وعن الجانب الياباني وزير الخارجية كونتشيرو غيمبيا. والتقى أمس وزير الخارجية الياباني والوفد المرافق له قُبيل مغادرتهم العاصمة السعودية الرياض في طريقهم للعاصمة القطرية الدوحة المحطة الثانية في جدول زيارات الوفد الياباني، وزير النفط والثروة المعدنية علي النعيمي، وبحث الآليات العملية التي تكفل زيادة التعاون السعودي والخليجي مع اليابان باعتبارها حليفاً استراتيجياً لدول مجلس التعاون الخليجي. وتُقدّر صادرات المملكة العربية السعودية لليابان خلال العام 2010، قرابة 136 مليار ريال، وتتمحور حول منتجات نفطية، وأخرى بتروكيمائية. وفي نفس السياق، أكد مسؤول إعلامي في وزارة الخارجية اليابانية، سعي بلاده لاتساع تعاونها مع السعودية، ومع دول مجلس التعاون الخليجي بشكلٍ عام، من أجل إعادة الإعمار، بعد كارثة التسونامي والتسرب الإشعاعي للمفاعل النووي «فوكوشيما» الذي تعرضت له البلاد العام الماضي. وأضاف في هذا الشأن «نحن نمنع تصديرأي منتجات تحمل نسبة عالية من الإشعاع، وقد قررنا تخفيض اعتمادنا على الطاقة النووية والاعتماد على الطاقة المتجددة، ووصلنا إلى مرحلة تبريد المفاعل، ولدينا إجراءات تمتد إلى ثلاثين عاماً لإنهاء هذه المشكلة بشكل كامل». وقدر المسئول الياباني ما قدمته المملكة لبلاده من الغاز المسال والذي تقدر قيمته ب عشرين مليون دولار وزعت على المتضررين. وقال نائب السكرتير الإعلامي في وزارة الخارجية اليابانية، ماسارو ساتو أمس في العاصمة السعودية الرياض، إن حكومته طلبت من المملكة ضمان إمدادات نفط مستقرة وسعر ثابت للنفط الخام. وقدّر ما تستورده بلاده من النفط الخليجي، حيث تُغطي المملكة العربية السعودية ما نسبته ثلاثين في المائة، وتأتي دولة الإمارات لتُغطي حوالي عشرين في المائة، وقطر ب %10، وتتذيل طهران قائمة الموردين النفطيين لليابان ب 9 %، وهي النسبة التي قادت مسؤولي اليابان للسعي وراء إيجاد بديل يُغطي النسبة الإيرانية، في إشارةٍ إلى قلقها من فرض عقوباتٍ دولية على إيران، يكون أحد بنودها منعها من تصدير إنتاجها النفطي.وأكد ساتو أن بلاده لا ترغب أن ترى الوضع في سوق النفط غير مستقر، وبأسعار غير مستقرة، معتبراً ذلك أمراً مُقلقا لها، وللاقتصاد العالمي بشكلٍ عام. وأفصح المسؤول الإعلامي عن قلق بلاده من خطورة الملف الإيراني النووي، مؤكداً رغبة طوكيو وسعيها لإجراء حوارٍ مفتوح مع طهران، وإمكانية تجاوز الخلافات بالدبلوماسية والحوار، دون اللجوء لحلول أخرى، كالعسكرية على سبيل المثال. واعتبر نائب السكرتير الإعلامي أن التهديد الإيراني لمضيق هرمز أمر مُقلق، مؤكداً أن الحكومة اليابانية قد أبدت تخوفها من هذا الأمر، وأيدت في نفس الوقت العقوبات تجاه طهران، لكنّها ترغب في أن يبقى الباب مفتوحاً للحوار مع الحكومة الإيرانية. وقطع ساتو بعدم مناقشة الأوضاع الدائرة على الأرض في سوريا مع المسؤولين في السعودية، لكنه أمل في الوقت نفسه أن يتم إيقاف العُنف بشكلٍ فوري.