فشلت الولاياتالمتحدة حتى الآن في التعامل مع أبجديات صراع المعارضة السورية ضد النظام الديكتاتوري الغاشم ولم تحرك ساكناً، بل قدمت وعوداً جوفاء وخيبة أمل تملأ صدور ثوار المعارضة في مسلسلٍ من الخذلان. وتستخدم أمريكا سياسة «العصا والجزرة» مع الثوار السوريين، فأحياناً تزيد مخاوفهم حال تحركاتها الدولية التي كثيراً ما تتراجع عنها مبررةً ذلك بأنها قد تنعكس سلباً عليهم، وتارة أخرى تحرك بواعث الأمل وترغِّبهم في زيادة التوغل والوعود بالمساعدات الخفية والتحالفات السياسية الممكنة. ونقلت شبكة «ريل كلير بوليتكس» العالمية تصريحات الإدارة الأمريكية التي قالت فيها إنها «تلعب دورا رائدا في تحكم ومراقبة سبل سير عمليات نقل الأسلحة إلى المعارضة السورية». ويتسم الموقف الأمريكي بالتذبذب السياسي الغامض، فتارةً تعرب أمريكا عن تخوفها الشديد من بديل بشار الأسد القادم، وهم الجهاديون الذي من المحتمل أن يكونوا أكثر ضراوة منه وفق حساباتهم السياسية، لذا تسعى جاهدة هذه الآونة لتأمين نتائج المعركة بعد سقوط النظام وتصفية الحسابات. وكانت واشنطن أكدت أنها تخشى من التدخل العسكري وشن الهجمات الجوية ضد الأسد على أرض الواقع مما قد يزيد موجة العنف ويدفع النظام إلى استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية غير المشروعة دوليا فتزداد الأزمة تعقيدا. وتارةً أخرى، تطلق واشنطن تصريحات عنترية عن قرب انتهاء الأزمة، وهذه المتاهة السياسية أربكت المحللين السياسيين وأفقدت المسؤولين الأمريكان المصداقية، فوصف بعضهم الحالة ب «المراوغة السياسية»، وعزا البعض الآخر الأزمة إلى «تخوف أوباما والإدارة الأمريكية من تكرار التجربة العراقية ثانية فتخسر أمريكا وزنها الاستراتيجي في المنطقة». وكانت زيارة وزير الخارجية جون كيري المفاجئة للعراق الأسبوع الماضي بهدف مطالبة الحكومة العراقية بالامتناع عن دعم الديكتاتور السوري وقطع الممرات التي تمتد من إيران إلى سوريا عبر العراق، وصرح كيري بأن « تيار الحرب آخذ في الانحسار».