كشفت مصادر عراقية مطلعة عن تباين وجهات النظر بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي قرر، وفقاً لهذه المصادر، زيارة بغداد واللقاء مع المالكي إثر موقف العراق المتصلب من منح مقعد سوريا للمعارضة في القمة العربية في العاصمة القطرية الدوحة، بعد أن شدد وزير الخارجية هوشيار زيباري على أن موقفه المتحفظ على قرار مجلس وزراء الخارجية العرب، يمثل موقف الحكومة العراقية في مقررات اجتماع مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي وتوصياته للوفد الدبلوماسي العراقي. وتؤكد المصادر البرلمانية في حديثها ل «الشرق» أن موقف الحكومة العراقية نابع من مخاوف حقيقية سبق وأن أشار إليها رئيس الوزراء نوري المالكي من تداعيات الأزمة السورية، وهو موقف يختلف عن مواقف شركاء المالكي في حكومته، لاسيما القائمة العراقية والتحالف الكردستاني، وكل منهما يطالب بدعم الشعب السوري للتخلص من نظام الأسد، مؤكدة على أن هذا الاختلاف في المواقف الداخلية للكتل البرلمانية الأساسية يأتي ضد موقف المالكي، وكتلته البرلمانية، وهذا ربما جعل كيري يعجل بزيارة العراق لاستيضاح حقيقة التزام العراق بمنع الطائرات العسكرية الإيرانية من المرور في الأجواء العراقية، فضلاً عن التحقيق في مواقف بعض الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران، التي تصدر الأسلحة والعتاد لمساندة قوات الأسد، ناهيك عن الموقف الأمريكي من الحوادث الأخيرة على الحدود، التي شارك فيها الجيش العراقي ضد الجيش السوري الحر. وترجح هذه المصادر، بأن الموقف الأمريكي، الذي سبق أن أكده السفير الأمريكي في بغداد بعدم جدوى مساهمة حكومة المالكي في حل الأزمة السورية من وجهة نظر واشنطن، قد يكرر من قبل وزير خارجيتها، ويلزم العراق وفقاً للاتفاقية الاستراتيجية الموقعة بين البلدين، التشاور مع الإدارة الأمريكية في سياساته الخارجية، يجعل التحفظ العراقي على منح مقعد سوريا للمعارضة مجرد ترضية دبلوماسية أمريكية للحفاظ على موقف المالكي أمام نواب كتلته الأكثر قرباً من نظام ولاية الفقية الإيراني وفقاً لهذه المصادر البرلمانية. وأكد رئيس الوزراء نوري المالكي، أن العراق يسعى إلى إقامة أفضل العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، وشدد على وجود ترابط كبير بين المشكلات التي يعاني منها العراق والمشكلات في المنطقة. وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للصحافيين «لقد أوضحت بصورة جيدة لرئيس الوزراء أن الرحلات التي تمر عبر العراق من إيران، هي في الحقيقة تساعد الرئيس بشار ونظامه على الصمود» مشدداً على أنه أبلغ المالكي «أن أي شيء يدعم الرئيس الأسد، يطرح مشكلات». وقال المالكي في بيان له، على هامش استقباله وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، إن «العراق يسعى إلى إقامة أفضل العلاقات مع الولاياتالمتحدة وتفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي في جميع المجالات». وأكد المالكي «دعمه لاعتماد الحوار والدستور كأساس لحل كافة المشكلات الداخلية»، وبين وجود «ترابط كبير بين المشكلات التي تعاني منها المنطقة» مشيراً إلى أن «أية دولة لا تستطيع عزل نفسها عما يدور حولها نتيجة تداخل مشكلات المنطقة وتأثيراتها المتبادلة». من جانبه، أكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، وفقاً لنص البيان، أهمية تطوير العلاقات الثنائية، واهتمام بلاده بوجهة نظر الحكومة العراقية، تجاه قضايا المنطقة والأزمة السورية بشكل خاص، مجدداً «دعم الولاياتالمتحدةالأمريكية لجهود العراق في مكافحة الإرهاب وتعزيز قدراته بما يمكنه من تحقيق ذلك». وذكر البيان الصادر عن مكتب المالكي أن «وجهات النظر بين المالكي وكيري كانت متقاربة حول ضرورة إيجاد حل سياسي للأوضاع في سوريا لتجنيب شعبها مزيداً من المآسي، مبيناً أن «الجانبين أبديا قلقهما من تطور الأحداث هناك وضرورة العمل لتطويقها».