قال الرئيس السابق لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن صقر الغامدي إن العمل المخابراتي الإيراني وظف الورقة الطائفية لتجنيد العملاء والمأجورين لخدمة مصالح الدولة الفارسية، معتبراً المجموعة التي تم الإعلان عن اعتقالها أمس الأول، «خلية تجسسية» وليست تخريبية أو إرهابية، لافتاً إلى أن تحصين المواطن ضد مغريات أجهزة المخابرات الخارجية ونشر الوعي الأمني وتعزيز مسؤولية المواطن الأمنية أمران مهمان لضمان أمن واستقرار الدولة. وأوضح في تصريحات خاصة ل «الشرق» أن الدولة وأجهزتها الأمنية في حاجة إلى القيام بحملة جديدة لرفع درجة اليقظة الأمنية عند المواطن، إذ قامت بحملة مماثلة خلال الأعوام الماضية، كجزء من استراتيجيتها في مكافحة الإرهاب ومقاومة نشاطات الفئة الضالة، لذا فالقيام بحملة مشابهة تستهدف التوعية ضد نشاطات الأطراف الخارجية قد يكون أمراً مطلوباً في مكافحة الهجمات المخابراتية للدول المعادية. وفي إجابته على تساؤل «الشرق» عن فشل إيران في سوريا ما دفعها إلى خلق القلاقل والفتن مع دول أخرى من ضمنها المملكة، بيّن أنه منذ الاحتلال الأمريكي للعراق وحصول إيران على نصر استراتيجي مهم عبر فرض سيطرتها على العراق تبنت سياسة «الهجوم المخابراتي»، وقامت بتوسيع نشاطاتها المخابراتية في العراق وعموم منطقة الشرق الأوسط، وقد تم اكتشاف نشاطات مخابراتية إيرانية في المغرب، ومصر، والسودان، إلى جانب تكثيف النشاط المخابراتي في دول المشرق العربي. ولفت إلى أنه تم اكتشاف شبكات تجسس وتخريب تابعة لأجهزة المخابرات الإيرانية تعمل في الكويت، البحرين، واليمن خلال العام الماضي. وقال إنه في ظل تفاقم الأزمة السورية واحتمالات سقوط النظام السوري المتحالف مع طهران فقد وجدت القيادة الإيرانية أنها ستفقد موقع النفوذ الرئيس في العالم العربي، فتبنت سياسة توسيع نطاق فعاليتها المخابراتية في الدول العربية الأخرى خاصة دول الخليج العربي من أجل التحضير لخارطة سياسية جديدة تمكنها من تعويض خسائرها الاستراتيجية في سوريا، وتؤسس لها مواقع تمكنها من زعزعة استقرار الدول الخليجية واستهداف أمنها؛ لذا فإن اكتشاف خلية التجسس يأتي ضمن هذا الإطار. وعن الوسيلة والمغريات التي يعتقد أن إيران استطاعت الدخول من خلالها للتغرير بالسعوديين، أوضح الغامدي أن الأعداء قادرون على استغلال ضعاف النفوس، والعمل المخابراتي الإيراني وظف الورقة الطائفية لتجنيد العملاء والمأجورين لخدمة مصالح الدولة الفارسية، وهذا الأمر واضح وجلي في عمل المخابرات الإيرانية في لبنان، العراق، باكستان، والبحرين، وظهر جلياً في الشبكة التي تم اكتشافها مؤخرا في الكويت. لذا فإن ضعاف النفوس ومن لا يملكون حساً وطنياً يوجدون في كل أمة وفي كل مجتمع، ولكنهم لا يشكلون إلا أقلية صغيرة جدا. ويعتقد الغامدي أن المجموعة التي تم الإعلان عن اعتقالها أمس الأول، «خلية تجسسية» وليست تخريبية أو إرهابية، وقال «هنا نتكلم عن نشاطات ذات طبيعة مختلفة تدار من قبل أجهزة مخابرات محترفة، وترتبط بهيكلية قيادية تقع خارج أراضي الدولة، وقد يكون هناك ارتباط بين من تم إيقافهم مؤخرا وأعضاء هذه الخلية، ولكن الارتباط ليس بالضرورة ارتباطاً وثيقاً لكون كل مجموعة مكلفة بتنفيذ مهام مختلفة». وبعث الغامدي برسالة للمختلفين في وجهات النظر حول أفضل السبل لإدارة الدولة، وقال إن الاختلاف مع سياسة الدولة أمر جائز ومن الممكن تفهم أسبابه، خاصة عند فئة الشباب، ولكن خيانة الدولة والتفريط في أمنها واستقراراها شيء لا يمكن التسامح فيه. وأضاف أن خيانة الوطن عبر تقديم الخدمات لدولة خارجية لا يمكن تبريره تحت أي ظرف من الظروف، ولا توجد دولة في العالم تتساهل أمام النشاطات التجسسية أو التخريبية التي تهدد أمن الوطن والمواطن، فالشباب عليهم التشبث بمبدأ الإخلاص للوطن وحماية أمن الدولة والمجتمع، وتحول جماعات المعارضة لخدمة مصالح الدول الخارجية هو خيانة كبرى لا تغتفر. وحذر الغامدي الشباب السعودي من الانفتاح الواسع على وسائل التواصل الاجتماعي الذي قد يجعلهم ضحايا محتملين لأفخاخ يتم نصبها لهم من قبل جهات محترفة ذات نشاطات أو صلات مخابراتية تتخفى خلف أقنعة مختلفة وصفات فضفاضة، وتمتلك أهدافاً إجرامية ومخابراتية تستهدف من خلالها أمن الدولة واستقرار مجتمعها. وعليهم الحذر حتى لا يصبحوا، دون علمهم ، جزءاً من آلية تخريب المجتمع والدولة ويتحولون إلى عملاء أو عبيد للقوى الخارجية التي تحاول تحقيق أهدافها الذاتية عبر استخدامهم.