ماجد محمد الوبيران يمر الإنسان في حياته وباختلاطه بالناس بمواقف تشعره بالمرارة والحسرة وذلك حين يُعامل من أناس يحسن إليهم معاملة سيئة جاحدة.. ومع الشعور بالألم والغيظ إلا أن ذلك مفيد جدًّا للإنسان حين يعرف أن ذلك أمر مقدر من الله، وما عليه إلا أن يصبر عليه طلبًا للأجر من مولاه. إن مخالطة الناس والصبر على أذاهم خير من اعتزالهم والابتعاد عنهم، كما أن المرء بمخالطته لأناس يحملون أنماطًا متباينة من السلوك تجعله ذا خبرة في الحياة ومعرفة بالناس، فيأخذ منهم ما يفيده، ويترك ما سواه. يعيش الإنسان في هذه الحياة أوضاعًا متقلبة، وأحوالا مختلفة، وهو متى ما أدرك حقيقتها، وحقيقة أهلها عاش في راحة منها وطمأنينة. والناس فيهم الجاهل بتعاليم ديننا الذي لا تخدمه ثقافته في حسن التعامل مع الناس، وفيهم المتكبر الذي لا يرى أمامه أحدًا، وفيهم القاسي في تعامله الخالي من الذوق واللطف، وغيرهم، لكن النفس بما ستكسب ستكون رهينة عملها، وأنت بعد أن تتأمل الناس ستختار طريقك بنور العلم الذي منَّ الله به عليك، وبقراءتك لسيرة أسوتك في حياتك، وليست الأسوة تأتي من مطالعة سير الجبابرة والطغاة والظلمة، ولا من سير من أسرفوا على أنفسهم في اللهو والضياع والانفلات. لكنها حتمًا ستكون بتطبيق سُنة من بعثه ربُّه رحمة للعالمين، فهي الضمان من الضلال والانحراف. اختر طريق الصبر على أذى الناس، ولا ترد الإساءة بمثلها، واحذر التكلم فيهم وهم غائبون، ولا تجعل من نفسك حاسبة ترصد بالأرقام عيوبهم وأخطاءهم فلست أنت من يحاسبهم، أو من قدَّر عليهم تصرفاتهم تلك. عليك نفسك.. أصلحها، واهدها السبيل الصحيح في التعامل مع الناس، واصبر على خطأ جاهل، أو غمط متكبر… انطلاقًا من مبدئك في الحياة، ونأيًا عن تضييع الوقت فيما لا يفيد، ورغبة في استثماره في السعي إلى رضا الله عز وجل، وإصلاح الناس، وتطوير الذات. فلا تحزن إذا وقع لك ما يضايقك، بل اجعل منه درسًا نافعًا لك، وحوِّل الخسارة إلى مكسب، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، هكذا تعلمنا في مدرسة السُّنة، وهكذا يجب أن نبقى، فنحن في زمن الناس فيه أحوج ما يبحثون عمن آتاه الله الحكمة، من يميز الصحيح من الخاطئ، والنافع من الضار.