دأب الشعب العربي الأحوازي في الشتات على إقامة مظاهرات احتجاجية تندد بالاحتلال الفارسي وسياساته الإجرامية، وتستذكر آلام الشعب الأحوازي وهمومه. بقي صوت هذه المظاهرات ومطالباتها مخنوقا وخافتا بسبب التعتيم الإعلامي المفروض وقلة الإمكانيات والدعم، وضعف التنظيم. ولكنها كانت تُعبر عن ضمير الشعب الأحوازي وتمسكه بحقوقه السياسية والوطنية وعلى رأسها تحرير الأحواز وتشكيل الدولة المستقلة. رغم الإمكانيات البسيطة والعقبات المتعددة، استمر الشعب العربي الأحوازي في الشتات بإقامة هذه المظاهرات بين الحين والآخر حتى أصحبت تقليدا متبعا ومحترما عند الشعب لمحاكاة الواقع والحقائق في الأحواز. استمر هذا المسلسل المؤلم في العمل الأحوازي إلى أن نُظمت مظاهرة أحوازية في الثامن من آذار في العاصمة البلجيكية بروكسل، فكانت فريدة من نوعها من حيث الشكل والمضمون. هذه المظاهرة لم تكن مجرد وقفة احتجاجية أقامتها الجالية الأحوازية في أوروبا، وإنما كانت مظاهرة جماهيرية تضم جاليات عديدة: الجالية الأحوازية والجاليات العربية الأخرى والجاليات الكوردية والأزربيجانية والبلوشية، وبعض من المتعاطفين الأجانب. هذا التنوع القومي والصنفي في المظاهرة وتسييرها في شوارع بروكسل، أعطى المظاهرة صفة إيجابية وأصبغها أهمية بالغة عند المراقب والمهتم بالشأن الأحوازي والإيراني. ولا يقل أهمية تاريخ المظاهرة عن الأحداث الأخرى التي حملتها المظاهرة، فكانت قبل اجتماع الدورة ال 22 لمجلس حقوق الإنسان في الأممالمتحدة وتقديم السيد أحمد شهيد تقريره عن حالة حقوق الإنسان في إيران. أعطى هذا الكم الهائل من الحضور الجماهيري وتنوعه في المظاهرة، وطريقة تنظيمها صفة مميزة وفعالة لها. وبعث برسالة تآزر ودعم للشعب العربي الأحوازي، ووجه رسالة تحد ورفض للاحتلال الفارسي وسياساته الإجرامية في الأحواز. تعد هذه المظاهرة انتقالا نوعيا للعمل السياسي الأحوازي في الشتات من حيث التنظيم والكم المشارك فيها وتنوعه والرسالة الموجهة والتغطية الإعلامية التي حظيت بها. ولكن رغم هذه الإيجابيات المهمة، كان حضور الجالية الأحوازية كسولا وخاملا، وليس في مستوى المظاهرة ومطالبها، لذلك هذه ملاحظة حول هذا العمل النوعي تستحق التفكير فيها لتحاشيها بالأعمال القادمة وتفاديها. كتقييم محايد ومنصف لهذه المظاهرة، فإنها تعد ناجحة، حققت أهدافها الأولية وبطريقة مباشرة، وقد تحققت أهداف أخرى – إن كانت موجودة – على المدى المنظور. توحي هذه المظاهرة النوعية وبعض المعطيات السياسية والعسكرية في العمل الأحوازي، بواقع أحوازي جديد وإيجابي بدأ ينضج على الساحة الأحوازية، من المفترض التعاطي معه والتعامل معه إيجابيا حتى نكون جزءا منه بدل أن يستمر هذا الواقع السياسي الجديد من دوننا أويتجاوزنا في هذه المسيرة النضالية. حقا هذه تجربة فريدة من نوعها في العمل السياسي الأحوازي على الساحة الخارجية، تجربة تستحق الاهتمام والتكرار في المستقبل.