علي عايض عسيري منذ تركيب صناديق خدمة واصل البريدية على منازل وأسوار الخلق في بلادنا وتلك الخدمة غائبة عن وعيها، بل أتوقع -والعلم عند الله- أنها قد ماتت منذ زمن، فمنذ فترة مضت وحالة تلك الصناديق ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك خطباً ما لا يعلم سره ولغزه إلا الله، حيث نشب خلاف قديم بين الجهة الحكومية المسؤولة عن تلك الصناديق الحديدية الجوفاء المعلقة وكافة أطياف وكتاب ونقاد المجتمع، ليتم في نهاية المطاف لملمة الموضوع ودفنه في مقابر التاريخ القديم دون معرفة القصد والهدف والفائدة من تلك الخدمة المبتورة التي أصبحت صناديقها علامة بارزة تمثل قمة التشويه، ولا تخفى على الجميع تلك الميزانية المكلفة التي تقاتل بسببها مسؤولو البريد ونقاد سوء الخدمة، فمنذ فترة بعيدة احتدم نقاش حاد بين من يدير تلك الصناديق وبعض المهتمين بشؤون الفساد الحكومي، حيث ذكر في ثناياه تكذيب ذلك المسؤول تلك الإشاعات المغرضة التي تداولها بعض ضعاف النفوس، والتي قالت إن ميزانية خدمة واصل قد تجاوزت عشرات الملايين غير المستحقة لخدمة ماتت قبل أن تولد، مما أثار حفيظة مسؤول البريد في بلادنا، ويرد على تلك الإشاعات بشيء من الغضب الممقوت الذي في غير محله، وقام بعدها بتصحيح الرقم المليوني ليصبح فيما بعد رقماً عشرياً يساوي ال700 ألف ريال فقط، وعلى لسان الجهة المشرفة على تلك الصناديق الحديدية المكسرة، وحقيقية أياً كانت تلك الأصفار ومهما كان عددها وحجمها الضخم وغير الضخم إلا أن ذلك يؤكد حقيقية واحدة وهي أين ذهبت تلك الميزانيات؟ ومن المسؤول عن إنفاقها في غير محلها؟ ولماذا صُرفت لمشروع فاشل من أساسه؟! واصل خدمة بريدية غائبة عن الواقع، لكن بمنظومة عصرية مكسرة صارت من خلالها تلك الصناديق مكاناً مناسباً لرفع وحمل ووضع قطع الخبز المرمية على أرصفة الشوراع والطرقات داخلها احتراماً للنعمة، بل ما يزيد الطين بلة هي تلك الصناديق المكسرة التي أصبحت ملاذاً آمناً للحشرات الزاحفة وقطع الأوراق المرمية على الأرض التي بداخلها لفض الجلالة تقديساً للإله. يا مؤسسة البريد السعودي، لقد قام عدد كبير من المواطنين والمقيمين بإلغاء اشتراكاتهم في صناديق البريد الخاصة بعد أن أغرتهم الدعايات الرنانة على صفحات الصحف المحلية، التي شعارها وعنوانها المطرز بحروف الذهب خدمات بريدية بمنظومة عصرية لا تمت للواقع بأي صلة، وهم لايزالون يتفقدون كل صباح مع زقزقة العصافير تلك الصناديق الخادشة للحياء التي أصبحت عنواناً دائماً لتشويه مناظر المدن والأحياء والمنازل والفلل الراقية، فإما أن تصل الخدمة بمنظوماتها العصرية الفعلية، أو أن يتم ترحيل تلك الصناديق لمستودعات البريد السعودي، لأننا نعيش في عصر التقنية الحديثة التي لا تحتاج لمثل تلك الصناديق الرمادية.