ظننت للوهلة الأولى أن الحضور النسائي للفعاليات الثقافية يعكس تطور المرأة السعودية وحرصها على منافسة الرجل في الميادين الثقافية بعد أن أوصدت أبواب المجالات الأخرى في وجهها. لكنها ليست المرة الأولى التي يجانبني الصواب فيها فقد اكتشفت أن حرص بعض النسوة على حضور الفعاليات الثقافية مجرد هروب من المطبخ وغسيل الملابس وتغيير حفاظات الأطفال. وكلما حضرت فعالية ما صدمت من الأحاديث الجانبية التي توشوش بعض الحاضرات لبعضهن بها، فذات مرة سمعت إحداهن تتحدث لصديقتها عن أحدث أنواع الأجهزة الذكية غير مهتمة بالمحاضرة التي تعبت جهات كثيرة في التحضير لها. وحين غيَّرت مكان جلوسي طاردني النحس حيث فوجئت بأحاديث لا تقل سماجة عن سيرة الأجهزة الذكية، فقد وجدت النقاش محتدماً بين سيدتين عن مستوى الطعام في الفعاليات الثقافية وجودة الحلويات المقدمة بعد العشاء. وحين غيَّرت المقعد للمرة الثالثة سمعت سيدتين بجواري تتحدثان عن الأعراس التي ستحضرانها نهاية الأسبوع، وتخططان لاختيار أنواع الفساتين والحلي التي يجدر بهما ارتداؤها في كل مناسبة. الزبدة أن الأنثى لم تعد بحاجة لسبب لتخرج من المنزل، لكنها بحاجة لألف سبب كي تستثمر خروجها بما يعود عليها بالنفع والفائدة .