تعاني فاطمة محمد من ابنها البالغ من العمر 14 عاما، وتبدي مللها من محاولة ثنيه عن تناول الطعام بشراهة، خصوصاً أنها تشعر بعدم تقبله لنصائحها، متخوفة من عدم السيطرة على بدانة ابنها، بسبب انتشار السمنة بين عائلة زوجها. ولا تعلم أنه ينتمي إلى 50 % من الأطفال البدناء في المملكة، وتقول: إن وزن ابنها يزداد بسرعة، مضيفة أنه لا يلعب أية رياضة، ويقتصر قضاء وقته على تناول الطعام والنوم ومشاهدة التلفزيون؛ ما أثر على مستواه الدراسي، فما أن يأتي موعد الاختبارات المدرسية حتى يصاب بالهلع وتشتت التركيز، بل تتمثل ردة فعله في انكبابه على تناول مزيد من الطعام. حكمة الأم قالت اختصاصية التغذية العلاجية ريدة الحبيب: لا أؤيد الأمهات اللاتي يحرمن أطفالهن من الحلوى نهائيّاً؛ لأن ذلك يتسبب في ردة فعل عكسية في الطفل نفسه، وسيؤدي إلى زيادة رغبته في تناول الطعام أكثر، أو الحصول عليه بطرق ملتوية، مقترحة عدم توفير الحلويات في المنزل بشكل مستمر، ويجب أن يكون تناولها بين فترة وأخرى، وبكميات معقولة عند رغبته أو وجوده مع أطفال آخرين خارج المنزل. مضيفة أن بعض الأطفال لا يرغبون في تناول الحلويات بتاتا ولا تغريهم، بسبب عدم اعتيادهم تناولها في المنزل، وتحكم الأم بذلك. واعتبرت تناول الأم الحامل طعاماً صحيّاً متوازناً يجنبها السمنة أمراً مهمّاً، ينعكس على الجنين سلباً أو إيجاباً. عناد الطفل ذكرت نورا علي، أم لطفلة بدينة عمرها تسعة أعوام، أنها تواجه صعوبة كبيرة في التعامل معها، ولم تجدِ معها كل المحاولات، بل يزداد وزنها يوماً بعد يوم؛ بسبب شراهتها في تناول الأطعمة والحلويات منذ صغرها، ولا تسمع ما يقال لها من ضرورة تقليل تناول الطعام، تقول “اضطر أحياناً إلى توبيخها وضربها بدون نتيجة تذكر، ولم نقصِّر في توجيهها، لكنها دائما تعصي الأمر وتغضب، وكأننا نود حرمانها تنكيلاً بها، ولا تدرك أنه لمصلحتها”. وأشارت إلى أن ابنتها تعاني الآن من ارتفاع نسبة السكر بالدم، ووجع مستمر في المفاصل؛ ما يؤثر سلبيّاً على حياتها ودراستها. بداية الأمراض تؤكد التقارير الصادرة عن المؤسسات الطبية العالمية أن الأطفال البدناء يكونون أكثر عرضة لاضطرابات النوم بنسبة تزيد عشرة أضعاف على الأطفال العاديين، إضافة إلى الأمراض التي قد تصيب الطفل البدين؛ حيث أثبتت دراسة أمريكية حديثة ارتفاع نسبة الإصابة بمرض الصدفية الجلدي بشكل كبير بين الأطفال ذوي الوزن الزائد، فضلاً عن زيادة مستوى الكولسترول؛ ما يعرضهم لمخاطر الإصابة بأمراض القلب والدم. السمنة تتزايد وذكرت إحصائية صادرة عن وزارة الصحة أن نسبة الأطفال البدناء في المملكة تشهد ارتفاعاً ملحوظاً، ووصلت إلى 18%؛ ما يجعل السمنة لدى الأطفال ضمن أبرز المخاطر التي تهدد صحتهم، بالنظر إلى تزايدها كلما تقدموا في العمر. وترى ريدة الحبيب أن مسؤولية تناول الأطفال الطعام تقع على الأم بالدرجة الأولى، مشيرة إلى أن معاملة الطفل البدين بحكمة، ومساعدته بدلا من تدليله بكثرة الطعام أو حرمانه منه أو تعنيفه، هي الوسيلة المثلى للسيطرة عليه. وأرجعت تعامل الأمهات مع أطفالهن إلى ثقافتهن ونظرتهن للحياة، مؤكدة أهمية مناقشة المشكلة مع الطفل، ومحاولة تغيير نظرته إلى الأفضل، وإقناعه بأن وزنه المقبول سيجعله أكثر صحة.