في الوقت الذي ارتفعت فيه معدلات السمنة بين الأطفال في المملكة إلى 20%، ونظراً لصعوبة إخضاع الطفل لنظام غذائي صحي، تعاني بعض الأمهات من مشكلة تهيئة الطفل لتقبل نظام غذائي صارم ومحدد، وذلك لأن طبيعة الطفل هي عدم إدراك حجم الخطر الصحي الناجم عن تناول كميات كبيرة من الطعام غير الصحي، أو عدم إدراك الطريقة الصحيحة للتخلص من الوزن الزائد والاقتناع بنظام غذائي يخلصه منه، فتضطر بعضهن لإخفاء أماكن الأطعمة المحببة للطفل والتي تحوي سعرات حرارية عالية، أو تقوم أخريات بغلق المطبخ في الوقت الذي لا يتواجدن فيه بالمنزل. تقول ربة المنزل دلال الغامدي "طفلي يدرس بالصف الرابع الابتدائي ووزنه 40 كلجم وقد بين لي الأطباء أنه يعاني من السمنة ووصفوا لي نظاما غذائيا ورياضيا ليتبعه حتى يتخلص من الوزن الزائد، لكن الطفل في هذا العمر وخاصة الذكر لا يكون تحت رقابة والدته بشكل دائم فهو يخرج للمدرسة وللعب مع أصدقائه ومع إخوته، كما أنه يشعر بالرغبة في فعل ما يريد لذلك يعاند تعليماتي ويعتبر حرصي على تقنين وجباته قسوة مني تجاهه بالمقارنة مع إخوته الذين يتسمون بأوزان طبيعية. وتضيف دلال لم أعد أعرف كيف أتصرف معه فأنا أصنع له الوجبات الصحية المحتوية على خضراوات أو حبوب القمح الكاملة وأقلل من الدهون والسكريات لكنه لا يحبذ تناولها، وإن التزم معي يوما أو يومين بتناولها فإنه ينصرف لتغيير ذلك بتناول كميات كبيرة من الحلويات في المدرسة أو الساندويتشات المحتوية على مايونيز وكاتشب أو بطاطس مقلية وغير ذلك فأضحيت أقوم في المنزل بإخفاء الأطعمة المحببة له كالكوكيز ورقائق البطاطس الجاهزة، وأصابع الشوكولاته وغيرها، لأني ببساطة لم أجد بديلا عن اتباع هذا الأسلوب في تقنين مسألة تناوله لهذه المأكولات المتسببة في زيادة وزنه بصورة سريعة. فيما تعاني والدة الطفل زياد مانع من تناول طفلها للأكل أثناء الليل فهو يقوم في الليل بعد أن ينام الجميع ويتوجه للمطبخ لعمل ساندويتش أو تناول حلوى أو ما تبقى من العشاء على الرغم من أنه تناول العشاء معنا، فهذه عادة يومية يقوم بها بعد نومه بساعات قليلة، وحين أسأله يؤكد لي أنه جائع، فيما تسببت هذه العادة في زيادة وزنه كثيرا كما تقول وتضيف اضطررت لغلق المطبخ قبل أن أنام وبالتالي أضمن عدم استيقاظه للتوجه للمطبخ لكن أحد الأطباء نصحني بوضع بديل له كي لا يتأثر نفسيا. ومن جانبه بين استشاري أمراض الوزن والسمنة بمستشفى القوات المسلحة بالجنوب الدكتور وليد أبو ملحة أن نسبة الأطفال المصابين بمرض السمنة في المملكة تصل إلى 20%، مبينا أنها نسبة عالية جدا ومخيفة فهي قابلة للزيادة عاما بعد عام وتتبع تلك الزيادة وبصورة مباشرة ومثبتة علميا وبحثيا تضاعف نسبة انتشار أمراض مزمنة أخرى كالسكري من حوالي 5% إلى 30% في يومنا هذا منذ السبعينات، وقس على ذلك جميع الأمراض المرتبطة بالسمنة. وبين الدكتور أبو ملحة أن على المجتمع الاعتراف بالمشكلة وإعطاؤها حجمها المناسب ومن ثم القيام بعدد من الحلول المساهمة في الحد من انتشار هذا المرض بيننا كالحد من انتشار الكثير من الأطعمة والمشروبات ذات الأضرار الصحية الواضحة والسعرات العالية والذي ساعد في انتشارها جاذبيتها للمستهلك وخصوصا الأطفال كفرض رسوم عليها والتنسيق مع هيئة المواصفات والمقاييس لإعادة النظر في تغيير وتحوير الكثير من محتوياتها، إلى جانب الحد من بث الإعلانات التلفزيونية على منتجات كثير من الأطعمة والمشروبات وضرورة قصرها على أوقات متأخرة من المساء فقط لتقليل أثرها السلبي على الأطفال.