الدمام – الشرق الكل ملزم بتقديم أرقى خدمة للمريض.. وليس لدينا تصنيف درجات للمستشفيات. نسعى لتحقيق الجودة ببرامج تؤدي إلى خفض المشكلات والأخطاء داخل المؤسسات الصحية. 12 مؤسسة سعودية حصلت على شهادة الجودة العالمية.. وفي طريقنا للمزيد. د. يعقوب نياز قال مدير عام الجودة وسلامة المرضى في وزارة الصحة الدكتور يعقوب نصر الله محمد نياز إن المملكة تتفوق على معظم دول المنطقة في معايير الجودة الصحية، مشيراً إلى أن 12 مستشفى تابعة للوزارة حصلت على الاعتماد الدولي، في حين تقترب عشرة مستشفيات أخرى من ذلك. وذكر نياز أن الوزارة تعمل على ضمان تحقيق أعلى مستويات الجودة في مختلف المؤسسات الصحية، مشدداً على أن ذلك يضمن حصول المواطن على أعلى مستوى خدمة، كما أنها تكثف اهتمامها بتعليم وتدريب جميع منتسبيها للوصول إلى أفضل درجات الإجادة، لافتاً إلى أن ميزانية التدريب تضاعفت عشر مرات خلال الفترة الماضية. وتطرق نياز لعديد من القضايا المرتبطة بقضايا الجودة ومعاييرها المطبقة داخل المملكة، فضلاً عن ملامح استراتيجية الوزارة في هذا المجال، في الحوار التالي: * لماذا تم ربط الجودة بسلامة المرضى؟ - سلامة المريض هي الهدف من كل الجهود الطبية، ولذلك يجب أن تكون معياراً رئيساً للجودة، فالجودة مفهوم ومخرج للتحسين وأي مشروع يكون له مدخل، لابد أن نعرف ما هو مخرجه حتى يتم الحكم على جودته، وفضلاً عن سلامة المريض، نحن نهتم أيضاً برضاه، لأنه يدل على أن جودة التجهيزات وجودة الأدوية ودائماً تربط الجودة بسلامة المرضى. * وما هي الآليات المتبعة لتحقيق جودة الخدمة؟ - الجودة ثقافة تغرس وينشأ عليها الفرد، وبذلك لا يمكن أن تطبق ما لم تكن هناك قناعة بضرورتها. كما أنها تحتاج إلى تكامل ما بين مقدم الخدمة ومستقبلها. ومن الضروري أن نهتم بالجودة ونربي أطفالنا عليها، لأنها تتعلق بكل شيء في المجتمع. نحن نطالب دائماً بإدخال مفهوم الجودة في التعليم العام والتعليم العالي. ومهما بذلت وزارة الصحة من مجهودات ومهما وفرت من إمكانات بشرية وتقنية لن يكون لذلك أثر، طالما أنه لا يصل لمستقبل الخدمة. ولكن نحن نسير بإستراتيجية معينة والوزارة تسعى إلى تحسين مخرجات الخدمات الصحية من خلال مشاريع كثيرة جداً. هناك عدة مشاريع دشَّنها معالي الوزير كما أننا مهتمون بوضع معايير قياسية يمكن من خلال تحديد مستوى الخدمة، وبشكل عام، نحن نقيس الجودة من خلال معايير بعينها معتمدة محلياً ودولياً. أما في سعينا لتحقيقها، فنعتمد على برامج تؤدي إلى خفض المشكلات والأخطاء داخل المؤسسات الصحية. * هل من بين ذلك الأخطاء الطبية؟ - في المجال الطبي، لا نسميها أخطاءً، بل مضاعفات، ومعظمها تنتج من بعض الإجراءات. * يعني ذلك أن الأطباء والقائمين على تقديم الخدمة الصحية لا يخطئون؟ - هناك أخطاء بالتأكيد، لكنها محدودة جداً، وطالما لم يثبت بالدليل العلمي أن الطبيب أخطأ، فعلينا أن نقر بأنها مضاعفات سببها خطأ إجرائي. لا يمكن أن تكون هناك أخطاء واضحة ناتجة عن جهل أو انعدام المهارة، لكن قلة معرفة الناس بمفهوم المضاعفات جعلهم يرونها أخطاءً. مع ذلك علينا أن نقر بأن الخطأ طبيعة بشرية تحدث في كل مكان على مستوى العالم ، بما في ذلك الدول المتقدمة. * كيف يمكن رفع مستوى الجودة في مجال الخدمات الصحية؟ - علينا بداية أن نقر بأن المجال الطبي يتطور بسرعة، ولا يمكن اللحاق به، كما أن العمل به يحتاج للتدريب والتعليم المستمر. والواقع أن الوزارة وتقديراً منها لأهمية موضوع التدريب والتعليم حرصت على الارتقاء بمستويات منسوبيها. مثلاً وضعنا شرطاً بأن يكون كل العاملين في المجال الطبي من حملة البكالوريوس، وقمنا بفتح مجال التجسير، عبر منح حملة الدبلومات فرصة لإكمال دراساتهم داخلياً أو خارجياً. فضلاً عن ذلك، فتحنا باب الابتعاث، ورفعنا ميزانية التعليم والتدريب المخصصة لمنسوبي الوزارة، وهؤلاء عددهم يقدر ب 250 ألف موظف وموظفة، وللعلم فقد أدى هذا التوجه إلى زيادة ميزانية التعليم والتدريب بشكل كبير جداً. * كم تبلغ؟ وما هو حجم الزيادة؟ - كانت 36 مليوناً، ووصلت إلى 300 مليون، والوزارة تشهد نتيجة لذلك حراكاً قوياً على مستوى التعليم والتدريب. * أين يتم التدريب؟ - يتم في مركز إدارة الجودة، وكذلك في مستوى المحافظات. والقائمون عليه مؤهلون، ومنهم سعوديون وأجانب. * معنى ذلك أن التعليم يرتبط بالجودة؟ - بالتأكيد.. الجودة تعتمد كلياً على التعليم والتدريب، لأن هذا هو الطريق لرفع مهارات العاملين ومعارفهم، ومن ثم تحسين أدائهم وتقليل الأخطاء. * وبالنسبة للمؤسسات الصحية، هل توجد لدينا معايير واضحة لجودتها؟ - هناك 881 معياراً للحكم على جودة أي مؤسسة، وهي تشمل كل أوجه النشاط الصحي. والجهة المسؤولة عن تحديد الجودة هي المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية CPAHI ويرأسه معالي النائب للتطوير العام، وللعلم هذه المعايير يتضمنها كتاب مرجعي يحتوي على 22 قسماً. * ألا توجد مدونة لمعايير الجودة في السعودية؟ - للمجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية معاييره الخاصة، وهي معايير معتمدة ومطبقة على جميع المنشآت. هذا المشروع يمضي بخطى جيدة جداً، فقد بدأنا باعتماد ثلاثين مستشفى، ثم وصل العدد إلى 48 مستشفى، ولم يبق إلا عدد قليل. * ماذا تقصد بالاعتماد؟ - أقصد أن هذه المستشفيات حصلت على علامة الجودة أو شهادة الجودة المعتمدة من المجلس المركزي. * في حال حصل المستشفى على هذه الشهادة، فما معنى ذلك؟ - معناه أن هذا المستشفى يقدم خدمة ذات جودة ومطابقة للمعايير المحلية المأخوذة عن أخرى دولية. وهذه المعايير وضعها متخصصون من خلال تجارب ودراسات علمية طويلة المدى. في هذا الإطار هناك مشروع اسمه «مشروع مكة للجودة الصحية MRQB» بدأ هذا المشروع الأمير عبدالمجيد – رحمه الله – في عام 1421/1420ه. * ولماذا بدأ في مكة وليس الرياض؟ - لأن الأمير عبدالمجيد هو الذي بدأه، وكان وقتها أميراً لمنطقة مكةالمكرمة. وقصة المشروع ببساطة أن كثيراً من الأخطاء الطبية عرضت على مجلس المنطقة، فاقترح الدكتور محمد خشين، وكان عضواً بمجلس المنطقة تطبيق الجودة فتبناها الأمير، وتبناها الدكتور محمد خشيم. وقد أتى المشروع بثماره سريعاً على أداء المؤسسات الصحية بمنطقة مكةالمكرمة، فاعتمده المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية، وحققنا في إطاره نتائج طيبة. * هذه عن قياس جودة المؤسسة، فماذا عن قياسها من خلال المريض؟ - لدينا مؤشرات نقيس بها الجودة. على سبيل المثال إذا انخفضت نسبة العدوى ارتفعت الجودة. أما إذا بقي المريض في المستشفى مدة أطول فالجودة تقل.. وهكذا. يؤخذ في الاعتبار أيضاً رجوع المريض لغرفة العمليات بعد إجراء العملية، ومدة انتظاره في الطوارئ. في ظل هذه المعايير لم يعد بإمكان أي طبيب أن يُقدم على إجراء عملية جراحية إلا إذا كانت لديه الكفاءة لذلك، لأن كل ما يقوم به يدون، فإن أخطأ يتم الرجوع إلى ما سجله لمعرفة حدود الخطأ والمسؤول عنه. * كأنك تتحدث عن تصنيف ودرجات للمستشفيات؛ فهل سيأتي اليوم الذي نجد مستشفى خمس نجوم مثلاً؟ - بمعيار مستوى الخدمة لا يمكن وضع تصنيف كهذا، لكن إذا تحدثنا عن مستويات الأجور، فهذا أمر مختلف. ونحن في كل الأحوال لا نتنازل عن مستوى راقٍ للخدمة الطبية، يستوي في ذلك المستوصف والمستشفى ومركز الرعاية.. لا فرق ولا تمييز. * إذاً؛ ما هو وضع المملكة بالنسبة للدول المجاورة في هذا المجال؟ - إن معايير الجودة معتمدة منذ فترة طويلة في البحرين كمعايير استرشادية، ومع ذلك الوضع في السعودية أكثر تقدماً. حتى على مستوى الشرق الأوسط، المعايير في السعودية هي الأفضل، فنحن أفضل من مصر، ومن الأردن، وأفضل من تركيا. * ما هو معيار الأفضلية السعودية؟ - أكثر من معيار، فلدينا 12 مستشفى اعتمدت من قبل هيئة الاعتماد الأمريكية الدولية GCI. عدد الأسرَّة بالمستشفيات السعودية متميز، فلدينا 250 مستشفى تتراوح أعداد الأسرَّة فيها بين 50 وألف، كما أن 90 مستشفى من مستشفياتنا الكبيرة تحوز أكثر من 80%. نحن ركزنا على هذا العدد في مرحلة أولى لمشروع الجودة، وقد دخلت هذه المستشفيات الاعتماد واجتازته. في المرحلة الثانية ستدخل المستشفيات الستون الباقية. * ما هي المستشفيات ال12 المعتمدة من قبل الهيئة الأمريكية؟ - مستشفى حراء في مكةالمكرمة، ومستشفى الملك عبدالعزيز في الطائف، ومستشفى الملك عبدالعزيز في جدة، ومستشفى الملك فهد في جدة، ومستشفى الملك خالد في نجران، ومستشفى الملك فهد في الباحة، ومستشفى الملك سعود الطبية، ومستشفى الملك فهد في الهفوف، ومستشفى عسير المركزي، وهذه هي المستشفيات الأولى. وستركز المرحلة الثانية على عشرة مستشفيات أخرى منها: مجمع الدمام المركزي، ومستشفى الأطفال في الدمام، ومستشفى الأمير سلمان في الرياض، ومستشفى الإمام في الرياض، ومستشفى الملك فهد في المدينةالمنورة، ومستشفى أمراض الأطفال في المدينةالمنورة، ومستشفى الملك فهد في بريدة، وفي جيزان، ومستشفى عنيزة. * كيف اخترتم هذه المستشفيات؟ - وفق معايير الاعتماد الوطني، وهي 881 معياراً، ومعايير الاعتماد الدولي، وهي حوالي ثلاثة آلاف معيار. * وكيف نحافظ على هذه الجودة؟ - بعد الاعتماد نأخذ أكثر الأماكن المعرضة للمشكلات، ونقوم بزيارة لها كل ستة أشهر مع إيجاد بعض البرامج، مثل: التعليم، والتدريب. نعرف أنه من الطبيعي حدوث تراخٍ بعد، لكننا أوجدنا بعض البرامج التي لها علاقة بالسلامة الدوائية، وإدارة المخاطر الطبية والمتابعة الأكلينيكية. هدفنا بطبيعة الحال هو الحفاظ على هذه الجودة، ليس لأنها مطلوبة في ذاتها، ولكن لأنها تحقق سلامة المريض. ومن المهم الإشارة إلى أن الجودة تتم مراجعتها بعد ثلاث سنوات، مع رفع نسبة الكفاءة المطلوبة للحفاظ عليها. * كيف تقاس معايير الجودة في المراكز الصحية الأولية؟ - لدينا 2500 مركز صحي تابع لوزارة الصحة منتشرة في أنحاء المملكة. وقد وضعنا لها معايير، وبدأنا بتجربتها في مركز واحد بعشرين محافظة، وسوف ننظر في المسودة النهائية لهذه المعايير في أقرب اجتماع. * هل حصلت أي من المستوصفات الطبية على الاعتماد؟ - نعم.. أربعة مستوصفات في: الطائف، ومكة، وجدة، والقنفذة، حصلت على اعتماد دولي. * كيف حصلت عليه؟ - تقدمت لهيئة الاعتماد الدولية الأمريكية، وطلبت تطبيق المعايير عليها. * وكيف يحقق أي مركز صحي المعايير المطلوبة؟ - من خلال تحقيقه لمعايير معينة، مثل: عدد الكوادر، وعدد السجلات الطبية، ومؤهلات العاملين وعددهم، ومستوى الخدمات والقيادة والمختبر والأشعة. * وأين رأي المراجعين؟ - الوزارة تقوم بالتعاون مع بعض المؤسسات برصد مدى رضا المراجعين، لكن هذا ليس الفيصل في الحكم. وقد تعاقدنا مؤخراً مع جامعة الملك فيصل لتقييم مستوى الخدمات، ومدى رضا المريض. لا يمكن أن يكون كل مواضيع الجودة في عجالة. ولكن هي حلقة مستمرة تبدأ بالتطبيق والمتابعة ثم بالتنفيذ، وبناءً على مخرجات التنفيذ نبدأ مرة ثانية. * هل يعني ما سبق أن كل منشأة لابد أن يكون فيها متخصصون في الجودة؟ - الجودة ثقافة وعمل جماعي، ولا يمكن أن يكون فردياً. ولابد أن يكون هناك ضابط إيقاع. حتى عامل النظافة إذا لم يُدرب ويُعلّم على كيفية التنظيف السليم سوف يكون عاملاً سيئاً يشوش على باقي الموظفين. * وهل لابد للمتخصص في الجودة أن يكون طبيباً أو فنياً؟ - لا.. لأن الجودة تغطي كل شيء، الطبيب، والإداري، والتمريض، والصيدلة، ومكافحة العدوة، والمختبرات، وإدارة المنشأة. كل الأمور مشتركة. كذلك الأمن والسلامة مهمة جداً. * هل وضعنا موعداً للانتهاء من عملية الاعتماد؟ - نحن نتكلم عن 600 منشأة صحية حكومية وغير حكومية. والأمر يحتاج إلى عدد كبير من المقيِّمين. * وكم عدد المقيِّمين عندنا؟ - 145 شخصاً يحاولون مطابقة المعايير المطبقة في المستشفيات. ولابد أن يكون المقيِّم مؤهلاً علمياً، ويحمل شهادة تقييم من مجلس الاعتماد. * وكم العدد المطلوب؟ - في كندا عددهم بالآلاف رغم أن عدد منشآتها يساوي عدد منشآتنا. لدينا احتياج كثير جداً، لكن هذا لا يعني التنازل عن الشروط المطلوبة في المقيِّم. * هل يشترط في المقيِّم أن يكون حاصلاً على تخصص جامعي ودراسات عليا؟ - المقيِّم لابد أن يكون خبيراً، فلا يقيِّم الطبيب إلا طبيب، ولايقيِّم الصيدلي إلا صيدلي، وهكذا.