أشعلت “الثورة البيضاء” فتيل التوتر في اليمن من جديد، عندما بدأت داخل المؤسسات الحكومية مدنية وعسكرية على مسؤوليها المعينين إبان حكم الرئيس وحزبه لليمن خلال الثلاثة عقود الماضية، ونجحت في إزاحة بعضهم عن مناصبهم، في خطوة رآها الرئيس صالح وحزبه (المؤتمر) أنها الجزء الثاني من مسلسل الاجتثاث للمؤتمر وقياداته في مفاصل الدولة، بعد أن نجحت الاحتجاجات الشبابية في إزاحة صالح عن سدة الحكم. وبدأ مسؤولو مؤسسات حكومية بتجنيد مسلحين مدنيين للدفاع عنهم وتفريق الاحتجاجات في المؤسسات التي يديرونها، فيما لوح قادة حزب المؤتمر بإسقاط حكومة باسندوة عن طريق مظاهرات واحتجاجات شعبية ضد وزراء المعارضة في الحكومة التي يتقاسمها المؤتمر مع أحزاب “اللقاء المشترك” بموجب اتفاق الرياض لنقل السلطة. وأثار قانون الحصانة، الذي يفترض أن تقره الحكومة وترسله إلى مجلس النواب كما نصت المبادرة الخليجية، خلافاً بين أعضاء الحكومة الممثلين للمؤتمر والمعارضة، حيث طرح وزراء المعارضة أن يتم سن قانون مصالحة وطنية لإنهاء ملفات الصراع في اليمن وعدم تخصيص قانون للرئيس صالح وأركان نظامه، الأمر الذي رفضه وزراء المؤتمر الشعبي العام وعدّوه خرقاً للمبادرة الخليجية.وقالت مصادر ل”الشرق” إن الحكومة أقرت تشكيل لجنة قانونية لصياغة قانون للمصالحة وآخر للحصانة لصالح وأركان نظامه، وسيتم إرسال المشروعين للبرلمان على أن يقر البرلمان أيهما أصلح، ومعلوم أن الأغلبية في البرلمان تنتمي إلى حزب الرئيس صالح. من جهته رفض المؤتمر الشعبي العام أي قانون بديل لقانون الحصانة، وقال مساعد أمين عام المؤتمر الشعبي العام سلطان البركاني ل”الشرق” إن قانون الضمانات” لا يجوز التراجع عنه، ولا يمكن استبداله لأنه جوهر التسوية، وإلغاؤه ينسف التسوية برمتها. وأكد البركاني ضرورة المضي في تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، كما تم التوقيع عليها دون حذف أو إضافة لأي من بنودها وأن أي مساعٍ في هذا الجانب لن يتم الالتفات إليها سواء جاءت من الوسطاء الدوليين أو من الطرف الآخر في تكتل أحزاب المشترك. وحذر البركاني حكومة باسندوة من نتائج سلبية في حال تم تأخير القانون لأكثر من أسبوع، وأكد أن حزبه سيتخذ إجراءات “جادة وصارمة” لمواجهة أي تأخير في إرسال القانون إلى البرلمان الذي لن يأخذ أكثر من يومين في إقراره. ورغم أن اللجنة العسكرية تواصل عملها في الجهة الشمالية والشرقية من العاصمة صنعاء، إلا أن التصعيد العسكري عاد إلى الشارع بتواجد كثيف للمسلحين بالزي المدني في الجزء الجنوبي من العاصمة، الذي تسيطر عليه قوات موالية للرئيس صالح، إضافة إلى تمركز قوات اللواء علي محسن الأحمر وبكثافة في الأحياء المحاذية لخط التماس بين الطرفين ونشر نقاط تفتيش جديدة. ودفعت المخاوف من اشتعال الوضع في اليمن بأعضاء مجلس النواب إلى اقتراح دعوة اللواء الأحمر وحليفه الشيخ حميد الأحمر ونجل الرئيس صالح قائد الحرس الجمهوري العميد أحمد علي عبدالله صالح إلى البرلمان وإدارة نقاش جاد بينهما حول تنفيذ بنود المبادرة الخليجية فيما يخص الجانب العسكري.