عن الفساد سأتحدّث، ولكن ما الجديد؟! سيقول القارئ الكريم: أنت كمن يخبر الناس أنّ طعم الليمون حامض وأنّ الثلج بارد وأنّ السماء فوقهم والأرض تحتهم! لأجيب: هذا صحيح؛ ولكن أسْكِتوا الفساد الذي يتحدّث عنّا في كل مكان لنَسكُت!، بل ونقطع ألسنتنا ونرميها للكلاب؛ دعونا الآن نتساءل: هل الأرض هي السبب؟! طبعاً لا، فأرضنا أشرف وأطهر بقعة وتحكم بشرع الله الذي يحارب ما هو دون ذلك؛ طيّب: هؤلاء الفاسدون من أيّ كوكبٍ هبطوا؟! بكل تأكيد أنّهم لم يأتوا من المريخ على شكل كائنات خضراء وإنما أشجارٌ نمت بمائنا وهوائنا وشمسنا! طيّب: الحكومة تحارب الفساد والمواطنون يحاربون الفساد فمن هم الفاسدون إذن؟! طيب: هيئة مكافحة الفساد ما علاقتها بمكافحة الفساد؟! ماذا تفعل وماذا فعلت؟! هل شعر المواطن بأنّ حجم الفساد تقلّص؟! كمواطن في الشوارع الخلفيّة إجابتي: للأسف لا! طيب: أنت أيها القارئ أجبني بصراحة: هل أنت فاسد؟! هل سبق وتحايلت على القانون على اعتبار أنّ هناك قانوناً، أقصد القانون الذي تمليه عليه فطرتك/ ضميرك/ حبّك لهذا الوطن؟! يقول أحد الفلاسفة: إنّ الناس صنفان: صنفٌ مجرم وصنفٌ لم تتح له الفرصة ليصبح مجرماً! دعونا نكنْ واقعيين: لو نظّف كلٌ منا المساحة التي تخصّه من الفساد من أصغر مواطن إلى أكبر مسؤول لنظفت البلد، أمّا أن تتعالى أصواتنا وتشق الأفق وتخترق عنان السماء ضد الفساد وذمّاً للفساد ومحاربةً للفساد.. ونحن نفعل العكس! فهذا مجرّد هراء، كمثالٍ واضح وفاضح: كلّنا ضد الوساطة ونعلم أنّها «خرّبت» البلد، ولكن من منّا لم يبحث عنها ذات يوم معتبراً أنّها حقّ من حقوقه؟! لاتجيبوا فأنا لا أسأل.