اكتُب: "فَسَادْ".. فَتَنْبُت شَجرةٌ أصلُها ثابتٌ في الأرض وفَرْعُها.. لا عِلاقَةَ لهُ بالسَّمَاء!.. إذْ وحدها الأرض والإنسان الذي كان يفترض أن يكون "قَدْ" مسؤولية الخلافة والتعمير: مسؤولان عن كُلّ فسادٍ يحْدُث، وربّما لذلك كانت الطيور "غير فاسِدَة" في السماء وإن حدث وفَسُدت فإنّها لا تكون كذلك إلاّ على الأرض وتحديداً إن وقعت في قبضة "بني آدم" فاسِد ليضعها في ثلاّجة ويبيعها كلحومٍ فاسدةٍ على "بني آدميين" آخرين!، تقول العبارة الإرشاديّة: لو حافظ كل إنسان على نظافة ذلك المربّع الذي يقف عليه لنَظُفَت المدينة كلّها، ولو حافظ كل أهل مدينة على نظافة مدينتهم لنظفت البلد؛ وأظن أنّ هذا الكلام ينطبق وينسحِب على الفساد أيضاً.. إذْ لو حَرِصَ كُلّ إنسان على أن لا يكون عنصراً في منظومة الفساد المُعقّدة والمتغلغلة في جسد ذلك الكيان الذي ينتمي له.. لتقلّص حجم هذا الوباء، المسألة تشبه كثيراً أن يتخلّص الفرد من عيوبه ويُنمّي ويُطوّر مزاياه ليقترب من نُقطة الكمال ويبتعد عن نُقطة النقص؛ فلتسأل قارئي الكريم نفسك وأنا معك: هل أنا جزءٌ من الفساد أم لا؟! - إن كنت كذلك إلى أيّ قدرٍ أنا كذلك؟! ومنذُ متى؟! وكيف تغلغل إليّ؟! ثُمّ كيف أتخلّص وأنقّي نفسي منه؟!، إذ ليس بالضرورة أن يكون الفساد خاصّاً وحصراً على مسؤول.. أنا وأنت والآخر الموظّف وحتّى العاطل عن العمل قد يكون جزءاً منه.. وإلا كيف نُفَسّر كل هذا الصراخ الجمعي الذي يكاد أن يسُدّ عين الشمس.. والذي يحارب ويشجُب الفساد ليلاً ونهاراً؟!؛ مؤسفٌ أن يتغلغل هذا الفيروس المُترهّل ويصبح جزءاً من ثقافة المجتمع وعاداته.. بل ويغدو شيئاً مألوفاً يثورون ضد نتائجه ولا يثورون في وجهه.. لا لشيء إلاّ.. لأنّهم أصبحوا جزءاً منه! زُبْدَة الكلام: دعني أعيد قارئي العزيز - أيّاً كان منصبك وأيّا كان موقعك - ذلك السؤال الذي سبق وطرحته عليك: هل أنت متأكّد بأن لا علاقة لك بالفساد؟!