مصر تستضيف البطولة العربية للأندية 2025    الاستجابة الإنسانية    «مسام» يطهّر 217,657 متراً مربعاً من الأراضي اليمنية خلال مارس    رينارد يحدد قائمة الأخضر أمام اليابان    صحف يابانية: غياب سعود عبدالحميد صدمة قوية للأخضر    الخليج يعاود تدريباته    المديرية العامة للسجون تشارك في معرض وزارة الداخلية للتعريف بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن بمحافظة جدة    أمريكا وإيران: التهديدات والفرص معادلة مختلة    حركة نشطة بأسواق الحلويات مع اقتراب العيد    4 مناطق تتصدر مخالفات الشاحنات الأجنبية    523 جولة رقابية لتجارة الباحة    يريدون سوريا قلبًا لهم    الفريق الفتحاوي يستأنف تدريباته خلال فترة التوقف الدولي بغياب عدد من لاعبيه الدوليين    موسوعة جينيس تكرم كريستيانو رونالدو    ولي العهد وجائزة نوبل للسلام    «سلمان للإغاثة» يوزّع 594 سلة غذائية في مديرية الروضة بمحافظة شبوة    %85 رضا السعوديين عن الرعاية الأولية    57 رخصة مياه شرب معبأة بالمناطق    قاعدة بيانات وعلاج مجاني لمرضى السكري والسمنة    آل الشيخ: إقامة صلاة عيد الفطر بعد شروق الشمس ب15 دقيقة    "بسطة خير" مبادرة نوعية لتمكين الباعة الجائلين وتعزيز الوعي بأعمالهم    مشروع ولي العهد يُجّدد مسجد النجدي في فرسان    «الخيمة الثقافية» تستقطب «20» ألف زائر في رمضان    «إحسان».. إنجازات وأَثر    مكة في عهد المهدي.. استقرار وحزم    رابطة العالم الإسلامي تُدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجدًا غربي النيجر    ارتفاع مرتقب لأسعار النفط مع بروز بوادر تباطؤ في الإمدادات    جامعة الملك سعود تستقطب طلبة الدراسات العليا المتميزين    البيان الختامي لاجتماع اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المعنية بغزة مع كايا كالاس    تكثيف الرقابة المرورية لتسهيل حركة المركبات والمشاة في الحرمين الشريفين    إنطلاق جلسات منتدى الرياض الثاني للمسؤولية الاجتماعية مساء اليوم الأحد    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    اعتماد دولي لوحدة المناظير في مدينة الملك سعود الطبية    هيئة النقل ترصد أكثر من 460 شاحنة أجنبية مخالفة    القيادة تهنئ رئيس جمهورية باكستان الإسلامية بذكرى اليوم الوطني لبلاده    السيطرة على المواقع الحيوية بداية لفصل المعركة الأخيرة.. الجيش السوداني يستعيد معالم العاصمة ويقترب من الحسم    رئيس الحكومة المغربية يصل إلى المدينة    "إش إش" تحت سهام النقد.. والمخرج يعتزل الدراما    ضمن تصفيات كأس العالم 2026.. الأخضر يبدأ تحضيراته للقاء اليابان.. وسعود يغيب    1169 شكوى للمسافرين في فبراير.. والأمتعة تتصدرها    رئيس وزراء باكستان يؤدي العمرة ويغادر جدة    رئيس الحكومة المغربية يصل المدينة المنورة    الإطاحة بمروج 15 كليوجراماً من الحشيش المخدر    مركز الملك سلمان يوزع سلالاً غذائية في سوريا    بين تحديات السيادة واستعادة قرار السلم والحرب.. لبنان يرفض استدراجه لحرب جديدة    برعاية شيخ شمل قبائل المخلاف فريق المواسية يخطف الذهب    ذكرى البيعة.. تلاحم قيادة وشعب    الشهري مشرفًا بإدارة الأمن البيئي بعسير    الإمارات تفوز بثلاث ميداليات ذهبية في معرض سيدني للطوابع والعملات 2025     المسجد النبوي.. جاهزية مشتركة لأيام العشر    عناق جميل بيعة ودعم وعيد    دراما تشبهنا    كعب أخيل الأصالة والاستقلال الحضاري 2-2    مفتي ألبانيا: هدية خادم الحرمين أعظم المبادرات الإنسانية في رمضان    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يعالج أورام الكبد باستخدام الأشعة التداخلية ودون جراحة    مركز التنمية الاجتماعية في جازان يدشن باص العيد جانا    أكشاك مؤقتة لوجبات إفطار الصائمين    سمو ⁧‫ولي العهد‬⁩ يستقبل أصحاب السمو أمراء المناطق بمناسبة اجتماعهم السنوي الثاني والثلاثين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملابسُ النساءِ تصنعُ التاريخَ..«البهطلةُ» أنموذجاً
نشر في الشرق يوم 21 - 02 - 2013

مِن بعد القرون المفضلةِ تحضرُ: «المرأةُ» لا بوصفها: (الإنسان/ الذات) وإنما تحضرُ ب: «ملابسِها» وما سَينشأ عنها تِبَاعَاً من إشكالاتٍ يتصارعُ على مضامين (ملابِسِهَا) المتنَفّذون! عادةً، ومَن يَغلِب فهو بالضرورةِ مَن سيكتُبُ: «التاريخَ» لِيُقصي مَن شاءَ ويُدني مَن شاءَ بحساباتٍ يَصعبُ أن تنحازَ للحق.
وبكلٍّ..فما: «المرأةُ» ها هُنا إلا مغلوبة، ومغلوب على أمرِها ما يجعلُها في مكانٍ قَصيٍّ عن صندوق:»التاريخ»! وبما أنّ الشيءِ بالشيءِ يذكر فلِمَ لم نظفَرْ ب:»المرأة ِ المؤرخةِ» إذ لا نعرفُ أنّ ثمةَ مؤرخةً كانت تُدعى «الطبرية» أو «ابنة كثير» أو «المسعودية» أو:»ابنة خلدون» فضلاَ عن:«السيوطية» و«المقريزية» و«ابنة غنام» و»ابنة البشر»!!
إنّه التاريخ المرتبطُ بالقوةِ والسلطةِ والذي لا يني عن توظيفِ الدّيني ابتغاءَ أن يهبَهُ قداسةً مِن شأنِها أن تنضافَ بداهةً إلى قَداسةِ :»حِجاب التاريخ»!
إلى ذلك يُمكِنُ القول: إنّ مَن يقرأَ التاريخَ لا بوصفهِ محض أحداثٍ يتوالى وقوعُها وَفقَ تراتبيّةٍ سُنَنيّةٍ، وإنما يتوافر على قراءتِه بحسبانِه: «تراكماً معرفيّاً» ليقرأ ما بين سطورِه عن: «مسكوتٍ عنه» حينها ستُسِفرُ تلك القراءةُ وبأمانةٍ عن الواقعِ الثقافيِّ والاجتماعيِّ المعاش إبان تلك الحقبةِ التاريخيةِ المدوّنةِ .أما مَن يقرأ التاريخَ بوصفهِ عملية سرديّة في سبيلِ البحث في أضابيرِهِ عن: «المرأة» فأحسبه سيشتغلُ على تاريخٍ صار هو الآخر يُسرَد وكأنَّ: «النساءَ» خارجه بالمرّةِ، ولئن ابتغينَا دخولَه ولو لِواذاً فليس لهنّ ذلك ما لم يتوسلن: «ملابسهن»!
عقب تلك المقدمةِ التي ليسَ منها بدٌّ.. تعالوا إلى فهمٍ سواء واقرأوا معي ما يلي:
«و-في سنةِ 751- وكَّلَ الوزيرُ مماليكهُ بالشوارعِ والطّرقاتِ، فَقَطَعوا أكمامَ النّساءِ، ونادى في القاهرةِ ومصرَ بمنعِ النّساءِ مِن لبسِ ما تقدّمَ ذكرهُ، وأنّه مَتى وُجِدت امرأةٌ عليها شيءٌ مما مُنِعَ أُخرِقَ بها وأّخذَ ما عليها.
واشتدَّ الأمرُ على النّساءِ، وقُبضَ على عِدّةٍ مِنهّنَّ، وأُخذت أَقمصَتهُنَّ، ونُصبت أخشابٌ على سُورِ القاهرةِ ببابِ :»زويلة» و»باب النصر» وباب «الفتوح»، وعُلّق عليها تماثيلُ معمولة على صُورِ النساء، وعليهِنَّ القمصانُ الطِّوال، إرهاباً لهنّ وتخويفاً».
(السلوك في معرفة دول الملوك للمقريزي)
ولتتصورَ الواقعةَ بوضوحٍ بيّنٍ امضِ معي في قراءةِ ما كتبَهُ :»المقريزيُّ» قبلَ السابقِ إذ دَوّن:
«أبطل والي السلطان ما أحدثه النساء من ملابسهن، وذلك أن الخواتين نساء السلطان وجواريهن أحدثن قمصاناً طوالاً تخب أذيالها على الأرض، بأكمام سعة الكم منها ثلاثة أذرع، فإذا أرخته الواحدة منهن غطى رجلها، وعرف القميص منها فيما بينهن بالبهطلة، ومبلغ مصروفه ألف درهم مما فوقها، وتشبه نساء القاهرة بهن في ذلك، حتى لم يبق امرأة إلا وقميصها كذلك، فقام الوزير منجك في إبطالها، وطلب والي القاهرة ورسم له بقطع أكمام النساء، وأخذ ما عليهن، ثم تحدث منجك مع قضاة القضاة بدار العدل يوم الخدمة بحضرة السلطان والأمراء فيما أحدثه النساء من القمصان المذكورة، وأن القميص منها مبلغ مصروفه ألف درهم، وأنهن أبطلن لبس الإزار البغدادي، وأحدثن الإزار الحرير بألف درهم، وأن خف المرأة وسرموزتها بخمسمائة درهم، فأفتوه جميعهم بأن هذا من الأمور المحرمة التي يجب منعها، فقوي بفتواهم، ونزل إلى بيته، وبعث أعوانه إلى بيوت أرباب الملهى، حيث كان كثير من النساء، فهجموا عليهن، وأخذوا ما عندهن من ذلك، وكبسوا مناشر الغسالين ودكاكين البابية، وأخذوا ما فيها من قمصان النساء، وقطعها الوزير منجك، وطلبت الأساكفة، ومنعوا من بيع الأخفاف والسراميز المذكورة، وأن تعمل كما كانت أولاً تعمل، ونودي من باع إزاراً حريراً أخذ جميع ماله للسلطان، فانقطع خروج النساء إلى الأسواق، وركوبهن حمير المكارية، وإذا وجدت امرأة كشف عن ثيابها، وامتنع الأساكفة من عمل أخفاف النساء وسراميزهن المحدثة، وانكف التجار عن بيع الأزر الحرير وشرائها، حتى أنه نودي على إزار حرير بثمانين درهماً فلم يلتفت له أحد، فكان هذا من خير ما عمل».
فيما كان تناولُ الحدثِ مِن لدن: «ابن حجر العسقلاني» في: «إنباء الغمر بأنباء العمر» جاءَ برؤيةِ المحدّثِ وبلغةِ المحتَسبِ حيثً كتب:».. وفيه أمر كمشيغا نائب الغيبة أن لا يخرج النساء إلى الترب بالقرافة وغيرها، وشدد في ذلك، ومنع المتفرجين في الشخاتير، وهدد على ذلك بالتغريق والتوسيط، فحصل لأهل الخير بذلك فرح، ولأهل الشر بذلك ترح، ثم منع النساء من لبس القمصان الواسعة الأكمام، وشدد في ذلك إلى أن رتب ناساً يقطعون أكمام من يوجد أكمامها واسعة، وساس الناس سياسة حسنة حتى لم يتمكن أحد في مدة مباشرته الحكم في هذه الغيبة أن يتظاهر بفسق ولا فجور من هيبته».
وفي المقالةِ القادمةِ -بإذن الله تعالى- سأتولّى شأنَ كتابةِ هوامشِ على متنِ هذهِ الحكاية والتعريف بشخوصِها.
ولعلّه لا يصِحّ تجاوزَ مقالةَ هذا الأسبوعِ من غيرِ التوكيد على أنّي بِتُّ على يقينٍ بأنّ جُلّ أحوالِ :»المرأةِ» ليست سوى انعكاسٍ أمينٍ ومُكَثّفٍ للأحوالِ الثقافيةِ، والعقليةِ الذهنيةِ، والبنيةِ الفكرية التي تحكمُ المجتمع، والتي تتسِمُ غالباً بهيمنةِ الرجلِ الذي يحفلُ بفحولتِه أكثر من احتفائهِ بالموردِ :»الشّرعي»، وتبعاً لذلك يمكن القول: إنّ كثيرَا كثيرَا مما يُثارُ على واقعِ :» المرأةِ» من سجالاتٍ –وفجورٍ في الخصومةِ- لا يخرجُ عن كونهِ: علاقة جدلية بين الاستبداد(السياسي والديني والأبوي) وَفق راياتٍ :» نسائيّةِ» مُغيّبةٍ وإنما جِيءَ بها لغرضِ المعركةِ ليس إلا!. وأحسَبُ أنّ الخروجَ من هذا المأزقِ ليس عصياً كما يُظنُّ بادي الرأيِّ غير أنهُ خروجٌ مرهوناً بالتخلّصِ من وَضَرِ غسيلِ الصراعِ الآيديولوجي و ملوثاتِ التوظيفِ السياسيِّ الذي لم تكن فيه:» المرأةُ» غير آلةٍ يتوسلُ بها لتحقيق مآرب المتصارعين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.