أوضح رئيس تحرير «الشرق» السابق، قينان الغامدي، أن مرتبات رؤساء التحرير في الصحف السعودية تتراوح بين ثلاثين و200 ألف ريال، لكنها «لا تساوي مكالمة واحدة». جاء ذلك في رده على أسئلة لحضور في أمسية أقامها نادي الطائف الأدبي لتكريمه مساء أمس الأول، ضمن برنامج «وفاء»، حولها الغامدي من الحديث عن سيرته الإعلامية والصحافية، إلى حديث عن حياة الشاعر والصحافي الراحل سعد الثوعي، رحمه الله، قائلا: «بما أن الأمسية تأتي ضمن برنامج (وفاء)، الذي يعدّه أدبي الطائف، فإنه من باب الوفاء أن أتحدث عن أستاذي وصديقي الأديب والمثقف والصحافي سعد الثوعي». واستعرض الغامدي لمحات من حياة الثوعي خلال الأمسية، التي أدارها الدكتور محمد قاري السيد، وعدد مواقف وذكريات ما زال يحتفظ بها، وقال: «قصرت في حق سعد، وألوم نفسي قبل أن أوجه اللوم للساحة الثقافية، فأنا لم أفعل 1% مما فعله الدميني مع صديقه عبدالعزيز مشري»، معلنا عزمه على إصدار مؤلف يتحدث عن حياة الثوعي، سيجمع دواوينه السابقة في إصدار بعنوان «غشقة مطر». وأفصح عن ترتيبات لجمع أرشيف ورقات شعبية كان يصدرها الثوعي في «عكاظ». وروى الغامدي (بنبرة حزينة) تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة صديقه الذي كان يريد ألا يموت، قائلاً «زرته في المستشفى في محافظة جدة، كان وقتها عصيّاً على الأطباء، وكنت أريده أن يعيش ويسألني لماذا تريد ذلك؟، فأجبته أريدك أن تعيش لزوجتك وأبنائك، فقال: ها نحن نعيش للآخرين». وعرج على الإرث الثقافي والأدبي والصحفي الذي تركه، «كلما ذُكر سعد الثوعي تستيقظ ذكريات الإبداع والمهنية والسخرية التي لم يجدها إلا القلة النادرة». ولم يغفل الجانب الفكاهي في حياة الثوعي، الذي اشتهر بالأسلوب الفكاهي الساخر، «رغم قوة شخصيته وجديته في العمل، التي جعلت جميع من يعمل معه يتحاشاه»، سارداً عدداً من المواقف عندما كان الثوعي مديراً لمكتب صحيفة «عكاظ» في الطائف، وكان هو مراسلاً صحفياً في المكتب. وكانت المحاضرة جمعت الغامدي بصديقين وزميلي مهنة منذ انطلاقته الإعلامية قبل أربعين عاماً، هما الدكتور محمد قاري، الذي أدار الندوة، وأحمد الزهراني الذي شارك في مداخلة، مذكراً زميليه مواقف لا تزال في ذاكرته منذ أربعة عقود. وركزت المداخلات في الندوة على حديث قينان عن الثوعي، ووفائه له، فقال سعيد الثوعي، شقيق الراحل «إن الوفاء إن كان له عنوان فقد قرأته لدى قينان»، ليستعرض هو الآخر بعض مواقف شقيقه. الدكتور عايض الثبيتي تحدث عن تجربة قينان الغامدي، وقال إنه كان أحد طلابي في كلية المعلمين بالطائف، لكنه استطاع بعصاميته وطموحه أن يصل إلى ما وصل إليه. وفاجأت ندى سعد الثوعي الحاضرين بمداخلة عبر الهاتف تحدثت فيها عن سعادتها بهذا اللقاء، ومبدية شكرها للغامدي بقولها «أنت رمز الصداقة في زمن تلاشت فيه الصداقة الحقيقية». وتحدث الدكتور عالي القرشي عن ورقات شعبية كان يصدرها الثوعي، ووصفها بأنها كانت مختلفة في حينها. وشهدت المداخلات مشاركة كل من الدكتور محمد المقصودي، وسارة الأزوري، والزميل أحمد حسن الزهراني، ومحمد الثبيتي، وغرم الله الصداعي، الذي قال «أتينا من الباحة لنكرم ابن الباحة في الطائف، وكنّا نتمنى أن يحدث ذلك في الباحة»، فاعترض قينان على ذلك، وقال يجب أن يكرم الثوعي في جميع أنحاء الوطن، وليس الطائف فحسب. وذكّر ناجي البقمي قينان بأيام دراسته في المعهد العلمي، وقال إنها بداية قينان الإعلامية كانت في إذاعة المعهد. وفي رده على سؤال من محمد قاري عن استقالته من رئاسة تحرير «الشرق»، قال الغامدي «مهمتي في الشرق انتهت»، وعن وجهته المقبلة، قال (مبتسماً) «أم عبدالله هي من تحدد». وعن الاستفتاء الذي أجري على كتاب «الشرق»، قال «هي عملية تخضع لمعايير علمية منهجية لخدمة مؤشرات معينة داخل المؤسسة، ولا علاقة لها بالاستغناء عن أحد الكتاب». وفي تعليقه على مداخلة ناجي البقمي حول بدايته في المعهد العلمي: قال «اليوم مررت أنا وزوجتي بمقر المعهد العلمي الذي درسنا فيه قبل أربعين عاماً، واستحضرت الذكريات السابقة، والباب الذي كنا ندخل منه، ومعلمي المعهد لم أنسهم، بل إنني متواصل مع أكثرهم حتى الآن».