عبدالمجيد المالكي أصبحت حياتنا كبيت العنكبوت، حتى المشاعر الجميلة تكاد في لحظتها أن تموت، والحديث فيما بيننا أصبح صامتا بلا صوت، كل هذا بسبب اختراعات جديدة لا تكاد تخلو منها كل البيوت، وتقنية حديثة بهرت عقول كثير منا، وجعلت حياتهم ترمز لأشباه الموت، فقط أصبحنا لا نرى سوى نظرات وابتسامات نعطيها فقط لأطراف أناملنا، عندما نحركها للحديث مع من نحب ومن لا نحب عبر برنامج ال «واتس أب»، وأشباهه من برامج المحادثات التي أستطيع أن أسميها برامج (السحر الصامت والعقل الفائت)، هذه البرامج التي سلبت من الفتاة أنوثتها، وسلبت من الرجل رجولته، حتى الطفل الذي لم يتجاوز الحلم سلبت منه أجمل ملامح طفولته، وأصبحت أسرار البيوت كتباً مفتوحة في متناول الجميع حتى أصبحت أفكارنا هزيلة سطحية تسقط معها قيمٌ ومبادئ، فأصبحنا نعيش في بيئة جرداء خالية من رقي الفكر ورقي المفاهيم حتى منحنا عقولنا إجازة مفتوحة نساهم بها في نقل أحاديث الورى ومتأثرين بتصديق شائعات وأكذوباتٍ نروج لها بين الحين والآخر، لن أخوض في تفاصيل كثيرة كل منا يعرفها، فهذه البرامج سلاح ذو حدين، ونطاق واسع أصبح له يدان وقدمان، ينقلنا كيف نشاء، ومتى نشاء فقط بالضغط على زر أو زرين، مما يشعرنا بسعادة غامرة وفرحة عارمة تسلب منا أثمن ما نملك من وقت مهدر لا يعود علينا بأدنى نفع، فلابد أن نعرف من يستحق أن يمسكها ومن لا يستحق لنعيش بأمنٍ وسلامة في الدارين، فما ذكرته الآن ليس إلا قيض من فيض لعلنا نعي ما يدور حولنا من مؤامرة لجعل الشعب شعباً أعزل متقوقعاً حول نفسه في ظل ما يقدمونه لنا من تقنياتهم المميتة في ظل ما يسمونه بالتطور التقني، فأصبحنا في مؤخرة الركب سائرين وعلى هامش الحياة نعيش حياة البائسين.