تزوجت فاطمة «تحتفظ «الشرق» باسمها كاملاً» في سن صغيرة من رجل مطلَّق وأب لثلاثة أطفال، تركتهم والدتهم مباشرة بعد الطلاق، حيث بدأت حياتها الزوجية برعاية ولد وابنتين -إحداهما معاقة فكرياً-، وحرصت فاطمة بعد أن أنجبت أطفالاً، على عدم التفريق بينهم وبين أشقائهم، الذين بقوا معها جميعاً في غرفتها لضيق مساحة المنزل. فخورة بذلك تقول فاطمة ل «الشرق»: تحمَّلتُ مسؤولية أبناء زوجي منذ اليوم الأول من زواجي، وفخورة بذلك، ففي الوقت الذي كان فيه زوجي منشغلاً بعمله، كنت أعمل ما في وسعي لتربية الأبناء تربية صالحة، خاصة وأن أبناء زوجي أبرياء، لا ذنب لهم في طلاق أمهم من أبيهم، واحتاجوا لرعايتي». مشوار الأمومة قاست فاطمة ظروفاً صعبة، خصوصاً بعد إنجابها الأطفال، فقد بدأت مشوار الأمومة وحدها، دون مساعدة أحد، ولا حتى أم زوجها التي كانت تسكن معها في ذات المنزل، التي لم تجد منها كلمة طيبة يوماً، بل كانت في قمة القسوة، ورغم كل الضغوطات التي مرَّت بها، إلا أنها لم تقصر مع أبناء زوجها، وخاصة الفتاة المعاقة التي تحتاج إلى رعاية خاصة، فقد كانت تتابع بنفسها صحة ودراسة الفتاة، وتحرص على تعليمها في المراكز الخاصة، إضافة لتحملها مسؤولية الأعمال المنزلية من طبخ وتنظيف لجميع من في المنزل. شعرت بالاستقرار وأضافت فاطمة «شعرتُ ببعض الاستقرار بعد 16 عاماً من زواجي، عندما انتقلنا من منزل الجدة إلى بيت جديد منفصل في منطقة بعيدة نسبياً عن القرية»، واستمرت فاطمة في تربية أولاد زوجها، وأولادها السبعة دون أي تفرقة حتى الكبر، حيث لا يلاحظ أي شخص يرى فاطمة وأبناءها أن الكبار هم لأم أخرى. عانت وربَّت زوَّجت فاطمة الابن الأكبر لزوجها، وقامت بدورها كأي أم عانت وربَّت حتى كبر ابنها، ونظراً لما عانته بسبب زواجها من رجل متزوج، فقد حرصت على عدم تزويج بناتها من رجل متزوج أو حتى مطلق ولديه أطفال، وقد شمل هذا القرار ابنة زوجها، حيث تقدم لخطبتها رجل متزوج لا يعيبه شيء إلا أن فاطمة رفضت تزويجها منه بشكل قطعي، خوفاً وحرصاً على ابنتها، رغم إصرار الجدة، وقد اتهمها بعضهم بأنها لا تريد السعادة لابنة زوجها، دون أن يعلموا أنها تحميها من زيجة غير متكافئة، حتى تزوَّجت الفتاة من رجل آخر صالح، على خُلق ودين، وعاملتها فاطمة كأي أم سعيدة بابنتها، فقد عملت على رعايتها بعد ولادتها طفلها الأول. «ماما فاطمة» لم يعرف أبناء زوج فاطمة الثلاثة في حياتهم أمّاً أخرى ترعاهم وتهتم بشؤونهم وتستمر في السؤال عنهم حتى بعد زواجهم سوى فاطمة، أو كما يسميها أحفادها الآن «ماما فاطمة»، حيث تقول «بيتي مفتوح لهم ما حييت، فهم أبنائي جميعاً، ولا أشعر بغير ذلك، وكأني أنجبتهم من أحشائي، كما أني أحرص على تجميعهم سوياً، في العطلات الأسبوعية، بل وأعاتب أياً منهم يقصِّر في السؤال عن أحد إخوانه».