ضيَّقت إدارة الدوريات في الجوازات في المنطقة الشرقية الخناقَ على العمالة المخالفة التي أخذت من المنطقة الواقعة بين شارع الخزان وامتداد شارع الملك خالد مكاناً لتجمُّعِها منذ سنوات طويلة، حيث أصبحت المنطقة سوقاً رائجاً للعمالة التي تتوقف بالمئات منذ فجر صباح كل يوم، ومَن يحتاج لعمال من أفراد أو مقاولين يعملون لحسابهم أو تابعين لمؤسسات يذهب إلى تلك المنطقة. وقد لاحظ العابرون في الفترة الماضية الوجودَ الأمنيَّ البارزَ الذي رصدته «الشرق» لعدد من دوريات الجوازات، التي تمشِّطُ شارع الخزان وشارع الملك خالد، انطلاقاً من إدارة الوافدين، بقيادة ميدانية من قِبل قائد إدارة الدوريات في جوازات المنطقة الشرقية المقدم صالح شديد المطيري، حيث تكثف دوريات الجوازات وجودها من بعد الفجر مباشرةً، وكان لهذا الوجود الأمني الملحوظ أثرٌ واضحٌ في العمالة المخالفة التي فرَّت وتفرَّقت مذعورةً إلى الشوارع الفرعية المجاورة. يقول المواطن صالح الشمراني «هذا الوجود الأمني الملحوظ لدوريات الجوازات شيء يفرح الصدر ونفخر به، ولا أخفيك أنَّ العمالة المتخلفة يسببون ضرراً كبيراً بعملهم غير القانوني، خاصة أنَّ كثيراً منهم هاربون من مكفوليهم أو يُقيمون بطريقة غير نظامية، وكثيرٌ منهم غير محترفين، بل كما يقول المثل (يتعلمون الحلاقة برأس القرعان)». المواطن عبدالله الوبرة يقول «يستحق المسؤولون والأفراد في إدارة الوافدين في الشرقية -وخاصة في إدارة دوريات الجوازات- التهنئة على هذا الجهد بلاشك، وهو جهدٌ يفرح المواطن عندما يرى القضاء على أي ظاهرة سلبية في المجتمع. وقد أعجبني أحد شباب الدوريات الذي كان متفهِّماً وحريصاً، وعكس صورة جميلة عن بلده، حيث كان يطلب من العمالة الانصراف عبر المايكرفون محذِّراً إيَّاهم، وكأنه يقول لهم كفى عبثاً بأمن ومقدَّرَات البلد، إمَّا أن تعملوا بشكل نظامي أو أن ترحلوا، وقد أحسست فعلاً بالفخر. المواطن محمد الغامدي، مقاول سابق، يقول: «الوجود الأمني ومضايقة هؤلاء شيء يفرحنا نحن المواطنين؛ لقد تضرَّرنا كثيراً منهم، أنا شخصياً تسببوا في إغلاق مؤسستي وخسرتُ أكثر من مائتي ألف ريال بسبب بعض من هؤلاء». ويردف «هل لك أن تتصور كم من عامل هرب، وذهب يدَّعِي ظلماً وزوراً، ويشتكي في مكتب العمل بأنني لم أعطِه راتبَه، وغير ذلك من أكاذيب، كان هدفهم فقط الضغط عليَّ لكي أطلقَهم حتى يعملوا لحسابهم كعمالة غير نظامية، خاصة إذا سمعوا من أبناء جلدتهم المكاسب التي يجنيها مَن يعمل لحسابه الخاص، ومع الأسف بعض المواطنين يتستر على مثل هؤلاء، ومع الأسف يخرب علينا نحن الذين نعمل في قطاع المقاولات، وأقول له: كيف ترضى أن تبيع وطنك بثمن بخس، والدولة أعطتك الثقة لكي تعمل بنفسك لا لكي تتستر وتخالف النظام؟». المواطن عبدالرحمن صالح، ساكن في حي النخيل خلف الخزان، أخذنا في جولة لنشاهد سويّاً المضايقات والمخالفات التي ترتكبها بعض العمالة المخالفة، التي أخذت من خلف الخزان وجزء من النخيل والقزاز محل سكن لها، ويقول: «انظر كيف تحوَّل الحي بأكمله لسكن يأوي العمالة من الجنسيات الآسيوية وغيرها، انظر أين ينشرون ثيابهم، ضاقت المنازل بهم فأصبحوا ينشرونها في الشارع، حتى معداتهم أيضاً في الشارع، لماذا تتركهم الجهات المختصة يعملون لحسابهم الخاص؟ وهم أتوا لكي يعملوا في مؤسسات أو شركات أو لدى أفراد، لكن مع الأسف في ظل غياب الرقابة الحقيقية، تضخَّمَت ظاهرة العمالة السائبة في كل منطقة من مناطق المملكة، وأصبح صاحب المؤسسة الذي يودُّ أن يعمل فعلاً بنفسه ولا يتستر على العمالة المخالفة، مطالباً بأن يستأجر مكاناً ويدفع عليه آلافاً، ورسومَ سجل، ورسوم رخصة بلدية، ولوحة محل، وتأثيثاً وديكوراً، وهذا فقط يقف في الشارع أو يدور بسيارته ويكتب عليها جلي بلاط، جبس وديكور، معلم رخام، سباك كهربائي، مؤسسات متنقلة، أليس هذا مخالفاً للقانون؟ هؤلاء يجب أن يوقفوا أيضاً لكي تُحمَى المؤسسات الصغيرة التي تريد أن تعمل». مناحي العتيبي يقول: «العتب علينا نحن السعوديين، هناك تجَّار تأشيرات يفتحون محلات وهمية لجلب مزيد من العمالة السائبة، ويضروننا نحن ويضرون البلد»، ويضيف: أنا في إحدى المرات أخذت اثنين على أنهما معلما جبس ليعملا لي غرفتين في المنزل، لكنهما أفسداها، ثم تسلما اليومية وهربا، ومرة أخرى صباغ عمل نصف الشغلة ثم اختفى، واسال المواطنين، كثير منهم مساكين يرى العامل يرتدي بدلة عمل وفي يده شاكوش أو على بنطاله بعض صبغ الدهان، فيغتر به البعض، ويعتقدون أنه (معلم)، وبمجرد أن يأخذ اليومية يختفي». إبراهيم الخالدي صاحب مكتب مقاولات هندسية، يقول: تمرُّ علينا في المكتب كثير من القصص التي يرويها لنا مواطنون تورَّطوا مع هذه العمالة المخالفة، ويخسرون «بعد أن تخرب مالطا» كما يقول المثل. وقبل أسبوع لجأ مواطن إلى منطقة الخزان التي يتجمهر فيها المقيمون المخالفون، واتفق مع أحدهم على أنه معلم رخام تركه يعمل في الفيلا بعد أن دفع له دفعة كبيرة، وغاب عنه أسبوعاً لظرف ما، وعندما حضر ورأى أن الرخام الإسباني الباهظ الثمن لم يتم تركيبه بطريقة صحيحة، أتى إلينا لكي ندلَّه على مؤسسة محترمة تنفِّذُ له تركيب الرخام من جديد. ويضيف الخالدي: بحكم الخبرة أقول: إنَّ العيب في المواطن السعودي؛ فهو لا يثق بأخيه المواطن لكنَّه يصدِّقُ العامل الوافد، ويظنُّ أنه يستطيع أن يغلبَه، ولا يعرف أنَّه هو المغلوب، فالتعامل في البناء والمقاولات مع مؤسسات أو مكاتب هندسية معروفة يجنبك الوقوع تحت طائلة المحتالين من مخالفي نظام الإقامة، وأكثرهم كذلك إلا مَن رحم ربي. عمال يعلقون بطانياتهم في الشارع في حي النخيل