أُحيلت أمٌّ قتلت ابنها قبل 30 عاماً إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، بعدما اعترفت أنها أقدمت على الجُرم في ذلك الوقت عندما كان عمرها (11 عاماً)، بوضع القماش على فمه وقطع أنفاسه، فيما اختلف قانونيان بشأن العقوبة التي تنتظر الأم، حيث أيد أحدُهما القصاص منها، فيما رأى الآخر أنَّ الأم ينطبق عليها ما ينطبق على الأب تأسِّياً بالقاعدة الفقهية والشرعية بأنه «لا يقتل الوالد بولده». الملازم أول نواف البوق وكشف المتحدث الرسمي لشرطة جدة، الملازم أول نواف البوق، عن اعتراف المواطنة السعودية، في العقد الرابع من عمرها، بقيامها بقتل ابنها حديث الولادة عمداً قبل 30 عاماً، حيث كان عمرُها في ذلك الوقت 11 سنة، وذلك بخنقه بواسطة قماش وغلق مخارج تنفسه، حيث تُوفِّيَ ودُفن حينَها على حسب أقوالها المبدئيَّة، مشيراً إلى أنها تقدَّمَت باعترافها في مركز شرطة النزلتين في جدة، وأنَّهَا بررت اعترافها المتأخر بالجريمة بسبب شعورها بتأنيب الضمير ورغبتها في التطهر من ذنبها الذي أرَّقَهَا. وأوضح البوق أنَّ التحقيقات الأولية أظهرت أن زوج السيدة ووالد طفلها متوفى، وأنه تم إيقافها وتسجيل أقوالها بالكامل، وتم إحالة الملف إلى هيئة التحقيق والادعاء العام للاختصاص وتطبيق العقوبة التي يحددها الشرع. عمر الخولي وقد سألت «الشرق» عضو هيئة حقوق الإنسان، أستاذ القانون في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عمر الخولي، عن الرأي الفقهي والقانوني في هذه القضية، فأكَّدَ أنه إن كانت الأم قد ارتكبت جريمتَها عن سبق إصرار، وأنها واعية ومدركة لما يترتب على اعترافها، وأن الطفل دفن مقتولاً، فإنه يُؤخَذُ باعترافها، وتحال إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لفحص الأدلة وإثبات أنَّ القتل وقع في ذلك الوقت، وأنها كانت طوال المدة الماضية عالمة بسبب الوفاة الحقيقي، وعلى ضوء ذلك يتم الرفع بأوراق القضية إلى القضاء، والقاضي هو من يقرر الحكم، سواء كان الحكم عليها ب «القصاص»، أو أي حكم آخر، والقاضي يأخذ في عين الاعتبار إن كان للجانية أبناء آخرون، وقد يكتفي فقط بعقوبة أقل وهي سجنها، وذلك أخذاً بظروف معينة يقدرها القاضي. أما مسألة أنه لا يمكن الحكم عليها بالقصاص تأسياً بالقاعدة الشرعية والفقهية التي تقول بإنه «لا يقتل الوالد بولده»، فهي لا تسري على الأم مثل الأب الذي لا يحكم عليه في مثل هذه القضايا. فهد أبو الحسن وقد خالف هذا الرأي المحامي والمستشار القانوني فهد أبوحسن، الذي قال في رده على تساؤلات «الشرق»: إنه لم يطلع على كافة تفاصيل القضية، ولذلك قد تختلف الآراء بحسب حالة كل قضية ووقائعها، خاصة وأن وقائعها تعود لأكثر من ثلاثين سنة، ولكن الاعتراف من الأم يكفي لإدانتها بالجريمة، ولكن على جهات التحقيق التأكد من سلامة الأم من الناحية النفسية والعقلية، خاصة أنَّ الاعتراف قد جاء بعد ثلاثين سنة. أما من حيث الحكم ونوعيته، فلا يمكن شرعاً وقضاءً تطبيق عقوبة القصاص على الأم، وذلك لما ثبت عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الحديث «لا يُقتَلُ الوَالِدُ بِوَلَده»، مشيراً إلى أنَّه إن كان لها ورثة فلهم الحق بالمطالبة بالدية الشرعية، وإن لم يكن لها ورثة فليس عليها شيء، ولكن إن كان القتل عمداً، فقد تكون هناك عقوبة تعزيرية يقدرها القاضي، وقد تصل إلى عقوبة القتل، ولكن ليس قصاصاً، كما يتبع ذلك بأنه إن كان للمقتول تركة أو ميراث فإنها تحرم منه أيضاً، وتوقعات الحكم في مثل هذه القضايا معقَّدَةٌ وصعبة لصعوبة الوصول للحقائق، فنسأل الله أن يُعِينَ الجهات العدليَّة والقضائيَّة في تحقيق العدالة والوصول إلى حكم شرعي سليم.