أكد رئيس تحرير صحيفة «أم القرى» الناقد حسين بافقيه، أن الواقع لم يخدم الأدباء السعوديين الأوائل، وأن حقبتهم الزمنية لم تحظ بكثير من البحث. وأشار بافقيه، خلال تعليقه على مداخلات بعد إلقائه محاضرة بعنوان «قراءة في أثر مجهول» في خميسية حمد الجاسر في الرياض صباح أمس، إلى أن سبب ذلك التهميش قد يكون نتيجة أنهم سعوديون. وقال: إن «الأكاديميين الجدد» توجهوا بنقدهم ودراساتهم إلى أدب ضعيف، مما يجعلهم مساهمين في «التضعضع» الأدبي، وترميز أسماء لا تستحق أن تكون أدبية، خلافاً للجيل الأول من الأكاديميين الذين لهم إسهامات مشهودة في الأدب وواقعه، حسب قوله. وفي المحاضرة، قال بافقيه: إن كتاب «الأدب الفني»، الذي صدر سنة 1353ه، يعد أوّل كتاب نقدي بعد إعلان توحيد المملكة العربية السعودية، وإنه خامس كتاب صادر في ذلك الحين، معدداً الكتب التي سبقته، وهي «أدب الحجاز» لمحمد الصبان (1344ه)، و»المعرض» للصبّان (1345ه)، و»خواطر مصرحة» لمحمد عواد (1345ه)، ورواية «التّوأمان» لعبدالقدوس الأنصاري (1349ه). وأوضح أن مؤلف الكتاب، حسن كُتبي، رائدٌ سَبَق أن عمل وزيراً للحج ومنافحاً سياسياً، في فترة الملك فيصل، عن الإسلام والتضامن الإسلامي، عادًّا إياه «عراب» التضامن الإسلامي، مشيراً إلى أن مقالاته التي كان ينشرها في صحف تلك الحقبة توضح ذلك، خصوصاً جريدة «البلاد». وقال: إن لهذا الرجل إسهامات في الحياة الأدبية في المملكة، وله آثار نقدية في صحيفتَيْ «أم القرى» و»الحجاز». واستعرض بافقيه في محاضرته وجهتي نظر، الأولى: لعزيز ضياء، والأخرى لأحمد عطار حول هذا الكتاب، مؤكداً أن الكتاب يعكس فهماً لنظرية الأدب وأصوله، وواصفاً إياه بأنه كتاب تقتحمه العين لصغر حجمه. وأبان أنه مال في البدء إلى رأي ضياء في الكتاب، ولم يتفق كثيراً مع رأي عطار، لأن الأخير ربما بالغ، شيئاً ما، في مدح أستاذه وكتابه، موضحاً أن المقال الذي كتبه عطار نقيض ما كتبه ضياء في مقالته عن الكتاب ومؤلفه، إذ ارتفع الأول بالكتاب وصاحبه، ونزلَ به الآخر. وأشار بافقيه إلى أنه احتار في البداية بين ما كتبه ضياء وعطار، فعين ترى ما كتبه الأول، وعين تقرأ ما دبجه الآخر، بين كاتب وجد في «خُفي حنين مكسباً له لو فاز بهما»، وكاتب «جعل الكتاب فتحاً في الأدب الحجازي»، ويراه «طرق باباً من أبواب فن الأدب لم يسبقه أحد إلى طرقه»، وقال : إن ضياء كان، حين أنشأ مقالته، أديباً مشهوراً، فيما لم يغادر عطار مقعد الدراسة. وأوضح أن تاريخ الأدب والثقافة مال إلى مقالة ضياء حينها، ولم يحتفل بمقالة عطار، حتى سكت التاريخ عن كتاب «الأدب الفني»، ولم يكد يعرفه إلا اسماً في أسامي الكتب والفهارس. وقال: إن «حسن كتبي» لم يزعم لكتابه أنه أدبي «قيم» كما قال ضياء، ولم يغلُ فيه كما غلا تلميذه عطار، وقُصارى ما فعله قوله: إن كتابه مرجو منه أن يفيد ناشئة الطلاب ممن يسعون إلى أن ينشئوا أدباً أو يكتبوا فصلاً في صحيفة، وما زعم لكتابه أنه كتاب أدبي قيم، ولا أنه فتح في المؤلفات الحجازية، لافتاً إلى أن المؤلف قصد طلابه في المعهد العلمي السعودي، فأنشأ لهم فصولاً في أصل الأدب وطبيعته، ورمى منها أن يعرف الطالب أن الأدب شيء يجوز الكلمات المحفوظة في كتب الإنشاء والمعجمات، وأن على الأديب أن ينتسب إلى عصره وإلى زمنه حتى يصبح أديبا، وأنه لا طريق إلى تكوين ملكته الكتابية بما سوى «الشعور بالحياة».