إلى أي حد يمكن أن يكون المجرم مسؤولاً عن تصرفاته؟ الإجابة بالطبع إلى آخر الحدود. ولكن تلك الإجابة لا تكون قاطعة هذه الأيام، فهناك اتجاه قوي يدور داخل الأروقة العلمية إلى تحويل تلك الإجابة من منطقة الأبيض والأسود إلى منطقة رمادية عديمة الملامح.. وعندها يصعب علينا القطع الكامل أن ذلك الشخص الذي ارتكب جريمة يعاقب عليها القانون مجرم أم لا. والقصة تبدأ عندما أطلق الشاب ستيفن موبلي النار على محاسب في مطعم للبيتزا في إحدى مدن ولاية جورجيا الأمريكية وأرداه قتيلاً، وعندما عرض أمام المحكمة وسأله القاضي إن كان مذنباً أم لا، أجاب بأنه غير مذنب لأنه يعاني خللاً وراثياً في جيناته جعله يرتكب تلك الجريمة. والموضوع يعود إلى عالم هولندي هو هان برونر ومجموعة من العلماء يعملون في مستشفى نخميقان الجامعي نشروا أبحاثهم في مجلة الطبيعة وفيها يقولون إنهم اكتشفوا في عائلة هولندية اشتهرت بارتكاب جرائم العنف خللاً في بعض الجينات الوراثية تؤدي إلى سلوك عدواني يعبرون عنه بارتكابهم تلك الجرائم. فهل إذا ثبت علمياً أن بعض الجينات الوراثية مسؤولة عن السلوك العدواني عند المجرمين.. هل يحق للمجتمع في هذه الحالة لكي يحمي نفسه أن يسن قوانين تنص على إجراء عمليات إجهاض للأجنة الذين يحملون تلك الجينات الوراثية قبل ولادتهم؟