وكنت أسمع منذ الصغر من يقول: «إن فلاناً جعل من فلان: يمشي ويكلم نفسه»، وكنت أعتقد أنها مبالغة للدلالة على قدرة فلان الأول على قهر وإرهاق فلان الثاني، إلى درجة أن يفقد عقله ويمشي في الطريق يهذي منه وإليه بكلام يسمعه الآخرون. كأن يُسمع المواطن الخارج من مشفى بعد أن قيل له: اذهب بعمَّالك وعاملاتك إلى مركز تدريب وتأهيل العاملين في المنشآت الغذائية والصحية. ويحمل عنوانها المرسوم على خريطة فريدة. وقد حجز سنداً بسداد 500 ريال، التدريب في المركز بالنسبة للعاملين في المنشآت الغذائية والمطاعم. أما صوالين الحلاقة ومشاغل الخياطة النسائية دون الرجالية ومغاسل الملابس، فالمبلغ المطلوب 350 ريالاً، إذاً فنحن بدأنا مشوار السير في الشوارع والحديث مع أنفسنا بصوت مرتفع. فبعد لكمة وزارة العمل الشهيرة وقدرها 2500 ريال، لأنها رغبت في دعم موارد الدولة، لحقت أختها وزارة الصحة ففرضت وجوب التدريب في مركز العمالة أيضاً، فلا شهادة صحية تطلبها البلديات دون المرور على المراكز الجديدة. ولأني مشروع مواطن سيبدأ يكلم نفسه ليل نهار فإني أريد أن أعرف عائد (خطّافية) وزارة الصحة إلى أين سيذهب؟ .. إن كان عندي عامل يغسل الملابس منذ عشر سنوات أو حلاق خالٍ من الأمراض أو خياطة تتعامل مع القماش، وكلهم منذ سنوات، فما الحكمة من فرض هذا النوع من الضرائب تحت مسمى التدريب، في الوقت الذي لا يحتاج فيه العمال والعاملات إلى تدريب ولا ينقص المواطن مزيد من الإرهاق؟!