محمد بن علي الصياح في ذات ليلة باردة حزينة خرج طفلاً بقلبه شاباً في مقتبل عمره من بيت أخيه حزيناً يبكي ما ألمّ به من خطب وهموم حياة، يتيماً مضطهداً مكسور القلب لامأوى يعيش فيه إلا حيثما أمه حلّت أو ارتحلت، يبكي وحقَّ له أن يبكي إذْ رامَه الدهرُ إن الدهرَ ضرّارُ، رآه صديق له أحس بالمسؤولية تجاهه احتضنه وقال له ادنُ مني واحكِ لي ماذا دهاك لعلّي أستطيع مساعدتك، إنها رحمة به، إنه إحساس بأخيه المسلم قبل أي شيء، وفعلاً هوّن عليه همّه وضمد جرحه وقدم له خطة لحياته يبدأ بها، يحبو بها إلى أن يمشي عليها إنها نعم المسؤولية التي أحس بها ذاك الصديق الرجل صاحب المسؤولية. لعلي أجد هذه القصة مُدخلاً ألجُ من خلاله لموضوع الاهتمام بالآخرين الذي أضج مضاجع الآباء والأُمهات والقادة والمسؤولين تفكيراً، لوجود أشخاص يتحمّلون ويحملون لواء المسؤولية من أنفسهم من غير وصايا ولاهدايا، سواءً كانوا أبناء أو إخوان أو أصدقاء أو موظفين أو غيرهم من الناس، لأننا حقيقةً في هذا الزمان هناك قليل من هم يهتمون لأمر الغير أو مساعدة الغير أو فعل الخير، لقد سبقنا اليهود والنصارى بفعل الخير ومساعدة الآخرين، الجمعيات الخيرية كثيرة لهم انظر إليها بمختلف أسمائها وصفاتها، فيها من المساعدة وفعل الخيرات، وكل ذلك مما ينم عن إحساسهم بالمسؤولية تجاه الناس والشعوب، ونحن المسلمين تجد فينا أشخاصا يحسون بغيرهم ويفعلون الخير لايريدون جزاءً ولاشكوراً وقليل ماهم، إن وقتنا الحاضر أصبح وقت مصالح أصبح زمنا فيه الطمع أغلبه والجشع أكثره والحسد أوله وآخره، إنه ليس صعباً أن ننمي ونصنع روح المسؤولية عندنا كمسلمين، خاصةً أننا سنعود إخواناً يلتم شملنا، الجار يعرف جاره، الأخ يعرف أخاه والابن يساعد أمه وأباه، حتى الأب والأم يحسّان بالمسؤولية تجاه الأبناء، نعم هناك وللأسف أباء وأمهات لايحسون أبداً بالمسؤولية ولايحفلون بها ولايأبهون بها، ظناً منهم ومن غيرهم أن الحياة تتحرك وتتماشى حسب تفكيرهم، ولكن خاب ظنهم وظن غيرهم. لا أكتب جزافاً أو لأكتب عن المسؤولية، – والله – إنها حاجة واحتياج وطاقة وفاقة واتفاق لقلوب الناس قبل عقولهم، لتفكيرهم قبل تصرفهم، فلننمِّ فينا ومن ثم في غيرنا روحها وعملها وفعلها والذود عنها لأنها هي حاجة الناس في هذا الوقت. «ماتقوم به يعلو صوته بشدة لدرجة أني لا أستطيع أن أسمع ما تقوله». «رالف والدوا إيمرسون» أكبر كاتب في علم الإقناع.