أقف مسروراً معجباً حينما أرى-أخي- رجل الأمن يترجل من دوريته – مروراً كانت أو شرطة أوغيرهما- ليستفهم من مواطن أو وافد عن سبب مخالفته للنظام- ولايبقى في مركبته منتظراً صاحب المخالفة لينزل إليه-،لأن ترجله من الدورية ونزوله إلى المخالف دليل على سمو في الأخلاق فضلا عن أن يكون مطلوباً منه نظاماً؛ وإن نموذجاً من رجال الأمن كهذا الرجل حريٌ بكل منا تجاهه أن يكرم حباً في القلب وعظماً في العين وتقديماً في المجالس ثم يودع وداعاً يليق به عند تقاعده وأن تشير إليه البنان دائما عند النشء ليكون أباً - في تعليمهم نهجه ويكونوا أولاداً له- ، لم يخطر بباله في ساعة من الدهر أن يكون له هذا الكم الهائل منهم . قد يقول غير المنصف من الناس: إن هذا النموذج من رجال الأمن هو أمنية ليس له وجود في الواقع ويذهب الآخر بعيداً فيقول : هذا حلم بعيد المنال، فقوم نرى في أفعالهم الفضاضة والغلظة وفي وجوههم العبوسَِِ دائماً لايرجى من أحدهم ماتقول،ويردف قائلاً : إنه يكون لأحدنا الحاجة عند الواحد منهم فتراه يكلمه وهو يتضرّع - حتى لايحس مجرد إحساس بأن من أمامه يحاول مجرد محاولة التحول من حمل وديع إلى أسد مفترس - ويضيف غير المنصف هذا فيقول : تجد أحدهم لم يتعد مرتبة الجندي- وإن تعداها إلى عريف فقط - تجده يعامل غيره من الناس- كِبْراً- وكأنه بلغ رتبة الّلواء وآهِ ثم آه لو رأيته يعامل ذلك الوافد المسكين فلا تشك أنه واقف أمامه يستجديه! قلت – محسناً الظن – لا أظن ذلك إلا ينطبق على نزر يسير منهم لايتعدى عدد أصابع اليد، إذ كيف يغفلون عن قوله الله- سبحانه-:\"ولاتصعر خدك للناس ولاتمش في الأرض مرحاً إن الله لايحب كل مختال فخور\" ثم قوله – صلى الله عليه وسلم- : \"لايدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر\" هذا إن كان هناك داع لتكبره فإن لم يكن كذلك فكيف يغفل عن: \"ثلاثة لايكلمهم الله ولايزكيهم ولهم عذاب أليم :وذكر منهم –صلى الله عليه وسلم –عائل مستكبر \" أي: فقير مستكبر، ثم ألم يتذكرهذ المسكين أن التواضع دليل كِبر النفس وعلو الهمة وسبيل اكتساب المعالي والترقي في الكمالات ومكسبةٌ لرضا أهل الفضل ومودتهم، ثم ألا يكون قدوته- في التواضع- رؤساؤه الذين هم أعلى منه رتبة في المنصب والجاه والمال وعلى رأسهم سمو وزير الداخلية ؟! .......،ثم هذا النزر-إن وجد- لايشكل ظاهرة توجب إعلان حالة الطوارئ وسرعة العلاج، فالشذوذ لاتكاد تخلو منه دائرة في البلد ويبقى لاحكم له، وإن سلمنا صحة مايقول –غالباً- فلابد من العلاج السريع الحاسم لهذا المرض العضال فإن الأمن هو عمود البلد الفقري الذي إذا اختل شُلّ البلد وهو نعمة امتن الله بها على هذا البلد وجعل فقدها في كل زمن من الابتلاء فقال سبحانه: \" ولنبلونكم بشيء من الخوف الجوع ....\" ويكمن العلاج في التربية ابتداءً من فصول الدراسة وانتهاءًً بالدورات المقدمة- في حسن التعامل- من قبل وزارة الداخلية لموظفيها عموماً والعسكريين خصوصاً، فلابد أن يؤهل رجل الأمن تأهيلاً قوياً قبل أن ينزل لمواجهة الجمهور ففيهم الرجل والمرأة والصبي والمجنون والصحيح والسقيم ثم هناك مقيم جاء ليبحث عن لقمة عيشه في هذه البلاد المباركة والذي سينقل الصورة عن هذه البلاد- سيئة أوحسنة -إذا رجع إلى بلده كما ينقل الحاج من غير هذه البلاد قصة حجه - شهوراً- إذارجع إلى بلده ،- هذه البلاد التي هي مهبط الوحي وقبلة المسلمين وفيها نشأ وبعث خير خلق الله – محمد صلى الله عليه وسلم- المزكى من ربه بقوله:\" وإنك لعلى خلق عظيم \" فمنزلتها في العالم الإسلامي لايعدلها منزلة ولها ولأهلها من الاحترام والتقدير-عند جميع المسلمين- ماليس لغيرها فالمسؤولية في عكس الصورة الحسنة - مع الوافدين- عظيمة تستوجب التشمير عن ساعد الجد وبذل الجهود في الإصلاح لينعم الجميع- مواطنين ومقيمين – بحياة هنيئة بعيدة كل البعد عما يكدرها ولتنقل الصورة الحسنة عن هذه البلاد وأهلها فإن أعداء الإسلام يستغلون بعض التصرفات السيئة لينالوا من هذه البلاد كما قال الشاعر: وإن يرو سيئاً طاروا به فرحا.... وما رأوا من صالح دفنوا أخي – الحبيب - رجل الأمن : إني –والله- أحسن الظن بك ولا أقول- رداً على غير المنصف في حقكم هذا- إلا كما قال الشاعر: ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ..... كفى المرءَ نبلاً أن تعد معائبه والعاقل لايزهد بأحد بسبب هفوة ولا يؤاخذ بسبب زلة ، وإن مايذكره غير المنصف هذا من عثرةً- من نزر يسيرمنكم- مغمور في بحر الحسنات فإني لا أخالك- أخي رجل الأمن - إلا حريص كل الحرص على الالتزام بقول ربك –سبحانه- :\"خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين\" وقول رسولك محمد صلى الله عليه وسلم :\" وخالق الناس بخلق حسن \" مقتدياً به حيث كان أكرم البشرية أخلاقاً وأزكاهم نفساً وحريص أيضاً على رفعة درجتك عند الله ممتثلاً قول حبيبنا -صلى الله عليه وسلم -:\"إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم\" ثم حريص أيضاً على دخول الجنة –ولاشك- فقد قال صلى الله عليه وسلم :\" وأعظم مايدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق\" ثم إني أجزم بأنك تريد أن تكسب القلوب فيحبك القريب والبعيد ويرضى عنك جميع الناس ولا يتأتى ذلك إلا بحسن الخلق . أخيراً........... أخي الحبيب- رجل الأمن – : إني أحسن الظن بك وولاةُ الأمر قبلي كذلك – ولاشك – فكن كما ظُن بك وأثبت لمن أساء الظن بك أنك خلاف مايظن بأخلاقك الطيبة التي تنم عن وعي منك بأمور دينك ومايريده ولاة الأمر منك تجاه إخوانك ،سائلاً الله أن يوفقك لكل خير ويعينك على ماكلفت به من أعباء إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على خير الخلق وصحبه أجمعين . خالد بن ناصر العلي