يقول الفنان المصري الراحل أحمد زكي: “فكرت يوما أن أذهب لقسم الشرطة.. وأعمل محضرا بضياع عمري في محاولة مني لاسترداده.. شعرت بذلك عندما نظرت للمرآة ووجدت عمري تجاوز الأربعين دون أن أشعر!”. ذكرت هذا الكلام وأنا أقرأ الردح في أكبر قضيتين شغلتا الرأي العام مؤخرا أولها ما يحدث الآن بسبب عمل المرأة في بيع المستلزمات النسائية، القضية التي أمست أمام ديوان المظالم، والشاكي مصرّ على موقفه المطالب بإيقاف القرار فورا لمخالفته أنظمة الدولة كما يقول!، بينما الوزارة تنوي تنفيذ القرار في موعده، بينما سماحة المفتي أفتى بالتحريم! وثانيها ما حدث في قضية سياقة المرأة حيث كان ختامها “مسك”، بدراسة نشرها أكاديمي سعودي يقول فيها بأن: السماح للمرأة بقيادة السيارة سيؤدي إلى ضياع عذرية الفتيات، ونشر الفسق والانحلال في المجتمع السعودي! المعارضون لهذه القضايا يقتلهم الضجر إذا هدأت، وهم يحملون اضطرابا واهتماما واختصاصا واحدا (المرأة!)، يشكون في كل شيء وفي أي شيء، يتحدثون عن هذا الشريك بخطاب مشوه وسطحي ويركزون على قضايا جانبية شكلية، ويعطلون قضاياها الحقيقية ويحولونها إلى جدل عقيم جل أطرافه رجال! يا عرب كل شعوب العالم لها قضاياها الصغيرة والكبيرة وكل الشعوب الملهمة تفكك قضاياها وتحتويها وتضع لها الحلول قبل أن تغرق، أما نحن فنترك قضايانا الصغيرة تأكلنا أكلا وتنهشنا ثقافيا واجتماعيا وإنسانيا، قبل أن نفكر حتى في قضايانا الكبيرة، وكأنه قدر علينا أن نموت عطاشى، وأخيرا كم نحتاج نحن من محضر لضياع العمر؟!